جديدالموقع

التبيان في بعض بدع القنوت في رمضان كتبه أبو مريم / أيمن بن دياب العابديني




التبيان 

في بعض بدع 
القنوت في رمضان 
كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب العابديني
غفر الله تعالى لنا و له ولوالدينا وجميع المسلمين .........أمين




الحمد لله المُتعَالى عن الأنداد، المقَدَّس عن النَّقائص والأضداد، المُتنزِّهِ عن الصاحِبةِ والأوْلاد، رافع السَّبع الشِّداد، عاليةً بغير عِماد، وواضِع الأرضِ للمهاد، مثَبتةً بالراسياتِ الأطْواد، المطَّلِع على سِرِّ القُلُوب ومكنونِ الفُؤاد، مقدِّرِ ما كان وما يكونُ من الضَّلال والرَشاد، في بحار لُطفِه تجري مراكب العباد، وفي ميدان حبِّه تجول خيلُ الزُّهَّاد، وعنده مبتغى الطالبين ومنتهى القصاد، وبِعينِه ما يتحمَّل المُتَحَمِّلون من أجله في الاجتهاد، يرى دبيب النمل الأسود في السَّواد، ويعلَمُ ما توَسْوسُ به النفسُ في باطِن الاعتقاد، جادَ على السائلين فزادَهُم من الزَّاد، وأعطى الكثير من العاملين المخلصين في المراد، أحمَدُه حمداً يفوقُ على الأعْداد، وأشْكره على نِعَمه وكلَّما شُكِر زَاد، وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له له الملكُ الرَّحيم بالعباد، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولهُ المبعوث إلى جميعِ الخلْق في كلِّ البلاد، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ الَّذِي بذَل منْ نفْسِه ومالِهِ وجاد، وعلى عُمَر الَّذِي بالَغَ في نصْرِ الإِسلام وأجاد، وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ جيشَ العُسْرةِ فيا فخره يوم يقوم الأشهاد، وعلى علٍّي المعروفِ بالشجاعةِ والجلاد، وعلى جميع الآلِ والأصْحابِ والتابعينَ لهم بإحَسانٍ إلى يوم التَّنَاد، وسلِّم تسليماً (1) .



أما بعد ،،،
إن مما لا شك فيه أن p الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ i كما صَحّ بذلك الخبر عن النبي rمن حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ t(2)وما دام أنَّ الدعاء عبادة فإنه يشترط لقبوله شرطان :
الأول : الإخلاص، فلا يدعو العبد إلا وهو يبتغي وجه الله لا رياءً ولا سمعةً .
الثاني : المتابعة : أي يقتفي فيه طريقة وهدي النبي r ، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين فإن العمل يكون باطلاً مردوداً على صاحبه كائناً من كان ؛ لما في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ :قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ r : pمَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رد




وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : p الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ i وَالْعِبَادَةُ مَبْنَاهَا عَلَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ لَا عَلَى الْأَهْوَاءِ وَالِابْتِدَاعِ وَإِنَّمَا يُعْبَدُ اللَّهُ بِمَا شَرَعَ لَا يُعْبَدُ بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ قَالَ تَعَالَى : } أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ { [الشورى آية: (21)]وقَوْله تَعَالَى
} إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ { عَقِيبَ قَوْلِهِ : } ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً { [الأعراف آية: (55)] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْعُهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ الَّذِينَ لَا يُحِبُّهُمْ . أهـ (1).
ولا شك أنه مما ينبغي للعبد أن يتفطن له هو ما يتقرب به إلى الله من الطاعات وخاصة الدعاء هل وافق فيه مراد الله وتابع فيه رسول الله r ؟ ألا وإنَّ مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألواناً منها صعب علينا إحصاؤها فضلاً عن إنكارها ، وربما توارثها الناس جيلاً بعد جيل إلى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك ، فإذا تُركَت قيل : تُركَت السنة (2)، فقد صح عن ابن مسعود tموقوفا وهو مرفوع إلى النبي r حكماً أنه قال : p كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة إذا ترك منها شيء قيل : تركت السنة ؟ قالوا : ومتى ذاك ؟ قال : " إذا ذهبت علماؤكم وكثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة 
[وتفقه لغير الدين ] " i . (3) .
قلت : وهذا الحديث من أعلام نبوته r وصدق رسالته فإن كل فقرة من فقراته قد تحقق في العصر الحاضر ومن ذلك كثرة البدع وافتتان الناس بها حتى اتخذوها سنة وجعلوها ديناً يتبع فإذا أعرض عنها أهل السنة حقيقة إلى السنة الثابتة عنه r قيل : تركت السنة





فمن تلكم الأمور المحدثة :
أولاً : التغني بالدعاء والتطريب والتلحين وهو أمر مُحدَث لأمور :
1ـ أن الأصل في العبادات المنع والتوقف:لما في الصحيحين من حديثعَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ :قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ r : pمَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ i(1) فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ، ووقتها ، وعددها ، وزمانها ، ومكانها ، وهيئتها ، ولا دليل على التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا ؟!.
2ـ أنّ الأمر بالتغني والترتيل ورد في تلاوة القرآن:لما روى الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في : " صحيحه " ح ( 6973) من حديث : أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ : قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ rpلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ i. فقد قال rتغنوا بالقرآن ولم يقل تغنوا بالدعاء ، ولك أن تتأمل وأنت تسمع بعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالمدود ، والقلقلة ، والإخفاء ، والإظهار ، حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بين القرآن وبين الدعاء .
3ـ أنّ إدخال الألحان والترانيم في الصلوات من طريقة أهل الكتاب : قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في " مجموع الفتاوى " ( 6/440) : [وَكَذَلِكَ إدْخَالُ الْأَلْحَانِ فِي الصَّلَوَاتِ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا الْمَسِيحُ وَلَا الْحَوَارِيُّونَ ].أهـ . وما يُبثّ في القنوات والإذاعات من الأدعية البدعية والابتهالات الملحنة خير شاهد .
4ـ أنّ التغني والتطريب بالدعاء وإدخال الألحان عليه من أسباب رده وعدم قبوله ؛ لأنه اعتداء في الدعاء :
قلت : قال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي ـ رحمه الله : (ما تعارفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح والإشتغال بتحريرات النّغم إظهاراً للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لا يقتضى الإجابة بل هو من مقتضيات الرد ، ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء كما يفعله القراء في ذلك الزمان يصدر ممن يفهم معنى الدعاء والسؤال وما ذاك إلا نوع لعب فإنه لو قدر في الشاهد : سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع ، والتطريب ، والترجيع كالتغني : نُسب البتة إلى قصد السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني ) .




ثانياً : رفع الصوت بالدعاء وهو فعل منكر للأتي :
أنّ النبي r أنكر على الصحابة y عندما رفعوا أصواتهم بالدعاء :لما في الصحيحين من حديث : أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ t قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فَقَالَ : النَّبِيُّ r : pيَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ i.(1) .
قلت : قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في " الفتح " ( 9/189) : [قَالَ الطَّبَرِيُّ : فِيهِ كَرَاهِيَة رَفْع الصَّوْت بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْر ، وَبِهِ قَالَ عَامَّة السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ]أهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في " الإستقامة " ( 1/322) :[ إن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة كالأذان ، والتلبية ، ونحو ذلك فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعاً شديداً ] أهـ .والعجب العجاب أنك ترى كثيراً من أهل زماننا يعتمدون الصراخ في الدعاء خصوصاً في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد ، وتستك المسامع وتستد ، ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين : 
الأولى : رفع الصوت في الدعاء . 
الثانية : كون ذلك في المسجد .(2) .
ثالثاً : السجع من الأمور المحدثة في الدعاء لأمرين :
الأول : كراهية السلف له ونهيهم عنه yلما روى الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (8562) من حديث : عِكْرِمَةَ مولا لبن عباس t عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ : pحَدِّثْ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ وَلَا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ وَلَكِنْ أَنْصِتْ فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ فَانْظُرْ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ 




ولما روى الإمام أحمد في " مسنده " ح (24636) من حديث : الشَّعْبِيِّ قَالَ : قَالَتْ : عَائِشَةُ ـ رضي الله عنها ـ لِابْنِ أَبِي السَّائِبِ قَاصِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثًا لَتُبَايِعَنِّي عَلَيْهِنَّ أَوْ لَأُنَاجِزَنَّكَ فَقَالَ : مَا هُنَّ ؟ " بَلْ أَنَا أُبَايِعُكِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ " قَالَتْ : pاجْتَنِبْ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ i. (1).
الثاني : أنه من أسباب عدم استجابة الدعاء : 
قلت : قال الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـفي " تفسيره " ( 2/226) : [ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة ، وكلمات مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ، ويترك ما دعا به رسوله r ، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء ] أهـ .
رابعاً : الإطالة من الأمور المحدثة في الدعاء : 
فقد جاءت السنة في التحذير منه والحث على الإقتصار على الجوامع الكوامل من الدعاء، بل فهم السلف الصالح أن التطويل في الدعاء هو نوع من الإعتداء لما في سنن أبي داود ح ( 1265)عَنْ ابْنٍ لِسَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا ، وَبَهْجَتَهَا ، وَكَذَا ، وَكَذَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَسَلَاسِلِهَا ، وَأَغْلَالِهَا ، وَكَذَا ، وَكَذَا فَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : pسَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ وَإِنْ أُعِذْتَ مِنْ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الشَّرِّ i .(2) .
قلت : ومن أعجب العجب ما يحدث فيما يسمى بدعاء ختم القرآن من بعض أئمة المساجد هداهم الله والمنسوب زوراً وبهتاناً إلي شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو دعاء في الصلاة قبل الركوع ، أو بعده من إمام ، أو منفرد ـ لم يثبت فيه شيء عن النبي r ـ بل لم يرو فيه شيء ـ ولا عن صحابته y ؛ ثم تُعمر به (( المحاريب )) بدعاء : فيه ما هو متكلف مسجوع غير مأثور ، يشغل نحو ساعة من الزمان .
يُتلى بصوت التلاوة وأدائها ، وتحرير النغم فيه . يكون عن ظهر قلب ، أو رسالة ربما وصلت ثمانين صفحة أي : تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله تعالى ، مع رفع الأيدي، ومسح الوجه بهما بعد الفراغ ويبكي




شاء الله من مأموم وإمام ـ أثابهم الله على حسن نيتهم ـ؛ وقوارع التنزيل وآيات الذكر الحكيم ، تتلى في ليالي شهر رمضان ، بل على ممر العام ، ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من مأموم أو إمام ، والله تعالى يقول : } لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ {[الحشر آية: (21)](1).
وقد كان النبي r يحب الجوامع من الدعاء ويدعو بها ويُعلّم أمته الدعاء بها لما في سنن أبي داود ح
( 1267) من حديث : عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : pكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ i .(2) .
ولما في سنن ابن ماجة ح ( 3836) من حديث : عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : pأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا i .





خامساً : الإعتداء في الدعاء من الأمور المحدثة :
تلكم الأدعية التى تحوي في ثناياها ألفاظا ً أو جملاً محذورة أو مُوهِمَة ومخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد من ذلك :
1ـ قول بعضهم هداهم الله : (( اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك )) هذا الدعاء فيه من المحاذير الأتي :
أولاً : أنه فيه تزكية للنفس وكأن الداعي معصوم لا يخطئ .
ثانياً: فيه دعاء على النفس وعلى الحضور والناس بالذل والهوان لأنه لا يخلو إنسان من الخطأ .



ثالثاً: نهي النبيrمن الدعاء على النفسلما روى الإمام مسلم في " صحيحه " ح ( 5328) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ t الطويل وفيه :p لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْi .
2ـ وقول بعضهم في الدعاء : (( وهو الذي في السماء ملكه وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر عظمته ...)) :وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فكان الجواب :
(أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى ؛ لأن فيها إيهاماً فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط ، أو السلطان بالأرض فقط ، وهكذا . عظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه ) أهـ .(1)
2ـ وقول بعضهم : (( يا من لا تراه العيون ، ولا يصفه الواصفون ... الخ )) :
قلت : سئل العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : [ما قولكم فيمن يقول في دعائه في القنوت في رمضان أو غيره: يا من لا تراه العيون ] فقال في جوابه : هذه أسجاع غير واردة عن النبي r ، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف.
والجملة الأولى: يا من لا تراه العيون إن أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من أن الله تعالى يرى في الآخرة . وإن أراد في الدنيا فإن الله تعالى يثنى عليه بالصفات على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية . والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل . فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد .أهـ .(2) .
وأما قول الداعي [ولا يصفه الواصفون] فقد ورد في حديث موضوع " السلسلة الضعيفة " للعلامة الألباني ـ رحمه الله ـ ( 11/ حديث رقم 5468 ) .
4ـ وقول بعضهم : (( يا من أمره بين الكاف والنون )) : قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :في " شرح الأربعين النووية " (صـ 76) :وبهذه المناسبة أود أن أنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون : [ يا من أمره بين الكاف والنون ] وهذا غلط عظيم ، والصواب : " يا من أمره بعد الكاف والنون " لأن ما بين الكاف والنون ليس أمراً ، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون ؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك باجتماعهما تكون أمراً . أهـ . 





5ـ وقول بعضهم : (( اللهم عليك باليهود ومن هاودهم )) : قلت : المهاودة : بمعنى الموادعة والمصالحة والممايلة ، والهوادة : اللين وما يرجى به الصلاح والرخصة .(1) .
وقد سئل العلامة الفوزان ـ حفظه الله ـعن هذا القول فأجاب : هذه الكلمة معناها المصالحة ، هاود معناه المصالحة ، واليهود يجوز الصلح معهم ، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين ، يجوز الصلح معهم كما صالحهم رسول الله r في المدينة ، وكما صالح قريشاً في الحديبية ، الصلح إذا كان من مصلحة المسلمين فإن الكفار يُصالحون لأجل مصلحة المسلمين ، هذا هو الحق ، أما كلمة " هاودهم " معناه أن الرسول r يدخل في هذا ، وسبق أني نبهت واحداً على هذه اللفظة ، لكنه لم يتجنّبها هداه الله . أهـ .(2) .
وهذا الدعاء أيضاً يشمل جميع حكام المسلمين الذين صالحوا اليهود قديماً وحديثاً ، فتأمل أيها اللبيب .(3) 
6ـ ومن صور الإعتداء في الدعاء (( الدعاء على عموم الكفار بالهلاك والاستئصال )) وذلك لأمور :
الأول : أن النبي r لم يثبت أنه دعا على عموم الكفار وإنما دعا على قبائل أو أشخاص بأعيانهم .
ثانياً: أن هذا يخالف مقتضى حكمة الله من بقاء الكفار إلى يوم القيامة ، بل إن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق .
ثالثاً: أنه ليس للمسلم أن يدعو بالاستئصال على من أمره الله بأن يبرهم ويقسط إليهم قال تعالى :}لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ {[الممتحنة آية: (8)].
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن هذا الدعاء فأجابت : الدعاء بفناء كل الكفار اعتداء في الدعاء ؛ لأن الله قدر وجودهم وبقاءهم لحكمة ، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . أهـ .(4) .
قلت : ولكن الدعاء على المعتدين من الكفار على المسلمين لا بأس به كما كان يفعل النبي r أما الدعاء على عموم الكفار فهذا اعتداءفب الدعاء




شبهة والرد
قد يقول قائل دعا نوحuعلى أهل الأرض بالهلاك والإجابة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في " مجموع الفتاوى " ( 2/227) : [ وَدُعَاءُ نُوحٍ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْهَلَاكِ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مِنْ قَوْمِك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ] أهـ . 
سادساً : الدعاء بما لا يناسب الحال : مثل قول بعضهم في دعائه : (( اللهم يا جبار السماوات والأرض اغفر لنا الذنوب وستر لنا العيوب ...الخ )) :
قلت :قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في " مجموع الفتاوى " ( 5/280) : [ أَنَّ الدُّعَاءَ فِي الْقُنُوتِ لَيْسَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَلَا يَدْعُو بِمَا خَطَرَ لَهُ بَلْ يَدْعُو مِنْ الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ بِمَا يُنَاسِبُ سَبَبَ الْقُنُوتِ كَمَا أَنَّهُ إذَا دَعَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ دَعَا بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ فَكَذَلِكَ إذَا دَعَا فِي الِاسْتِنْصَارِ دَعَا بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ كَمَا لَوْ دَعَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ السَّبَبِ ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ فَهَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ ] أهـ .



الخلاصة
وتنبيهات
أولاً :على الإمام القانت في " الصلاة " الالتزام بالأتي :
1ـ أنّ يتجنب التلحين ، والتطريب ، والتغني ، والتقعر ، والتمطيط في أداءِ الدُّعاءِ ، وأن يجتهد في تصحيح النية ، وأن يُلْقِيَ الدُّعاء بصوته المعتاد ، بضراعة وابتهال .
2ـ يُجْتَنَبُ جلب أدعية مخترعة ، لا أصل لها .
3ـ و يُجْتَنَبُ التزام أدعية وردت في روايات لا تصح عن النبي r .
4ـ و يُجْتَنَبُ قصد السجع في الدعاء ، والبحث عن غرائب الأدعية المسجوعة على حرف واحد .
5ـ و يُجْتَنَبُ اختراع أدعية ، فيها تفصيل أو تشقيق في العبارة .
6ـ و يُجْتَنَبُ التطويل بما يشق عل المأمومين ، ويزيد أضعافاً على الدعاء الوارد .
7ـ و يُجْتَنَبُ إيراد أدعية تَخْرُجُ مَخْرَجَ الدُّعاء ، لكن فيها إِدْلاَلٌ على الله ـ تعالى ـ مثل : [ اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ...إلخ ] .





8 ـ وَيُتْرَكُ زيادة ألفاظ لا حاجة إليها مثل قولهم : [ اللهم انصر المجاهدين في سبيلك ] فيزيد " في كل مكان " 
9ـ لا يأتي الإمام بأدعية ليس لها صفة العموم ، بل تكون خاصة بحال ضُرٍّ ، أو نُصْرَةٍ ، ونحو ذلك .
10ـ ليس من حق الإمام أن يُرَاغِمَ المأمومين ، ولا أن يُضَارَّهم بوقوف طويل يشق عليهم .
ثانياً : على الإمام القانت في " الصلاة " التزام اللفظ الوارد عن النبي r الذي عَلَّمه سبطه الحسن بن علي t فيدعو به بصيغة الجمع مراعاة لحال المأمومين ، وتأمينهم عليه ، ونصه : pاللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنَا فِيمَنَ عَافَيْتَ ، وتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ،تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ i . (1) .
وَلْيُتَنَبّه فإن ضبط لفظ : " ولا يَعِزُّ " بفتح الياء وكسر العين . ولفظ : " ولا يَذِلُّ " بفتح الياء ، وكسر الذال.
ثالثاً : إن زاد على الوارد المذكور ، فعليه مراعاة خمسة أمور : 
1ـ أن تكون الزيادة من جنس المدعو به في دعاء القنوت المذكور .
2ـ وأن تكون الزيادة من الأدعية العامة في القرآن والسنة .
3ـ وأن تكون محلها بعد القنوت الوارد في الحديث .
4ـ وأن لا يتخذ الزيادة فيه شعاراً يداوم عليه .
5ـ وأن لا يطيل إطالة تشق على المأمومين .
رابعاً : قد يحصل من الأمور العارضة ما يأتي لها الداعي من إمام وغيره بدعاء مناسب لها ، كالاستغاثة حال الجدب ، لكن لا يجعله راتباً لا يتغير بحال .
ومن أعمل هذا الفرق بين الدعاء الراتب ، والدعاء لأمر عارض ؛ كسب السنة ، وانحلت عنه إشكالات كثيرة .(2) .



والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل