جديدالموقع

حكم استفادة المسلمين من عظم الحيوانات وجلودها في صناعة الجيلاتين



حكم استفادة المسلمين من عظم الحيوانات وجلودها في صناعة الجيلاتين
أولاً: التعريف بالجلاتين:
الجلاتين مادة هلامية تميل إلى اللون الأصفر الغامق، وأحيانًا تكون ذات لون أبيض به لون أصفر، وهي شفافة هشة وليس لها طعم، وتستخرج المادة من بروتين الكولاجين خلال مراحل من التصنيع من جلد وعظام الحيوانات المختلفة (بما فيها الخنزير).
ثانيًا: أنواع الجيلاتين:
1 - الجلاتين (أ): وهو يستخرج غالبًا من جلود الخنازير، فيستخلص بمحلول حمضي، وله القدرة على امتصاص ثلاثة أمثال وزنه من الماء.
2 - الجيلاتين (ب): ويستخرج من فضلات المدابغ (جلود الأبقار والعظم)، ويستخلص بمحلول قلوي، ويمتاز بقدرته على امتصاص ثمانية أمثال وزنه من الماء.
3 - الجيلاتين المستخلص من جلود الأسماك القشرية: وأكثر استخدامات الجلاتين تكون من جلد الخنزير، والسبب يعود لسهولة استخلاصه بطريقة النقع في الحامض مدةً بسيطة وبتكلفة أقل بكثير من طريقة الاستخلاص من العظام أو جلود الأبقار بالطريقة القاعدية.
ثالثًا: فوائد الجيلاتين:
يستخدم في تحضير بعض الحلويات، وبعض أنواع اللبان أو العلك، ومنتجات الروب، ومسحوق الهلام (الجيلي)، ومسحوق حلوى المهلبية، والعجائن، والكعك، والفطائر، وهلام (جيلي) حفظ الفاكهة، ومنتجات الأسماك، واللحم، و (كبسولات) الأدوية، وكسوة الحبيبات لتصبح غير قابلة للذوبان السريع، والأقراص، وتحضير التحاميل بأنواعها؛ لأنه يذوب بفعل حرارة الجسم، ومعاجين الأسنان، والمراهم، والكريمات.
وهنا ننبه إلى أمر هام وهو ما يقوله المختصون بصناعة الجلاتين من أن تحديد نوع الحيوان الذي هو منشأ الجيلاتين أمر لا يمكن تحقيقه بإتباع إجراءات التفتيش الغذائي أو طرق التحليل المعتمدة في الوقت الحاضر.
وبناءً على قولهم فإن أي ملصق على أي منتج غذائي في حالة تم ذكر أنه حلال أو حرام (كذب) لعدم وجود أجهزة مخبرية تكشف أصل الجيلاتين لأي حيوان ينتمي إليه.
حكم استفادة المسلمين من عظام الحيوانات وجلودها في صناعة الجيلاتين: نقول يتوقف الحكم في هذه النازلة على نوع الحيوان الذي أخذت منه المادة، وكيف تمت ذكاته.
فإن أخذت من حيوان مأكول اللحم، مذكى ذكاة شرعية (وهو ما ذكاه المسلم أو الكتابي -يهوديًّا كان أو نصرانيًّا- وكانت ذكاته بقطع الحلقوم، والودجين) فهي طاهرة، يجوز استعمالها فيما ذكرناه في فوائد استعمال الجيلاتين.
وإن أخذت من ميتة، أو حيوان لم يذك ذكاة شرعية، أو من حيوان لا يحل أكله كالخنزير، فهي موضع خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: أنه إذا استحالت النجاسة طَهُرت، وبناء عليه فإن ما يكون عينه نجسة كالخنزير مثلًا أو كان من حيوان مأكول اللحم غير أنه لا يجوز الأكل منه لكونه لم يذك، فإنه إذا استحال أصبح مادة أخرى فيجوز استعماله في الأكل والشرب وكل شيء؛ لأن عينه النجسة تحولت إلى شيء آخر، والحكم يدور مع عِلّته وجودًا وعدمًا، فالعِلَّة لم تعد موجودة هنا.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة، وعلى ذلك يحرم الانتفاع بها في الأكل أو الإدهانات؛ لنجاستها.
والذي يظهر لنا أنه لا يجوز الاستفادة من عظام أو جلود الحيوانات إلا إذا اجتمع فيه وصفان:
الأول: أن يكون مباحًا أكله حال الحياة، أي: مما تحله الذكاة.
الثاني: أن يذكى ذكاة شرعية، وتكون بالتسمية، وبقطع الحلقوم، والودجين.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي (1) قرار بخصوص هذه النازلة، ومما جاء فيه ما يلي:
أولًا: يجوز استعمال الجيلاتين المستخرج من المواد المباحة، ومن الحيوانات المباحة، المذكَّاة تذكية شرعية، ولا يجوز استخراجه من محرم؛ كجلد الخنزير وعظامه وغيره من الحيوانات والمواد المحرمة.
ثانيًا: يوصي المجلس الدول الإسلامية والشركات العاملة فيها وغيرهما أن تتجنب استيراد كل المحرمات شرعًا، وأن توفر للمسلمين الحلال الطيب.
" فتوى برقم 8039
بتاريخ 28 / 1 / 1405هـ .
السؤال : هل الجيلاتين حرام ؟
الجواب :
الجيلاتين إذا كان محضرًا من شيء محرم كالخنزير، أو بعض أجزائه كجلده وعظامه ونحوهما فهو حرام . قال تعالى : سورة المائدة الآية 3 {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} ، وقد أجمع العلماء على أن شحم الخنزير داخل في التحريم ، وإن لم يكن داخل في تكوين الجيلاتين ومادته شيء من المحرمات فلا بأس به . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" اهـ .
في حكم الحلوى المصنوعة من مادة «الجيلاتين»
والأجبان المحتوية على «الإنفحة»
السـؤال: ما حكم الحلويات المستوردة من «إنجليترا» وغيرها من البلدان الأوروبية التي تحتوي على مادة «الجيلاتين» الموجودة في عظام ولحم الخنزير والبقر؟ وما حكم الأجبان المحتوية على مادة «رينات» وهي مادة مستخرجة من بطن الجدي أو الحَمَل الرضيع، وتسمى بالإنفحة؟ علمًا بأنَّ أهل هذه البلدان وغيرها لا يذبحون غالبًا؟
الجـواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا مانع من جواز الحلويات والأجبان المستوردة التي تحتوي على مادة «الجيلاتين» و«الإنفحة» إن كانت مستخرجة من حيوانات مأكولة اللحم أو من موادَّ مباحةٍ تندرج ضمن ذبائحِ أهل الكتاب ممَّا لهم فيه ممارسة وصناعة، فهي طاهرة لقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الّذِينَ أُوْتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لهُمْ﴾ [المائدة 5]، أمَّا إذا كانت مادة «الجيلاتين» مستخرجة من الحيواناتِ المحرمة الأكلِ لنجاستها وخبثها وضررها كجلد الخِنْزير وعظامه وغيره من الحيوانات والمواد المحرمة، فإنَّ الحلويات وسائر الأطعمة التي اختلطت بها مادة «الجيلاتين» يحرم -شرعًا- استهلاكها أو بيعها أو استخدامها في الطعام أو اقتناؤها للنصوص الواردة في تحريم الخِنْزِير والميتة وسائر الخبائث، إذ المعلوم -فقهًا- أنَّ «التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الخُبْثَ وَالضَّرَرَ».
فإن كان في اختلاط هذه المستهلكات أو المبيعات بمادة «الجيلاتين» على وجهٍ يدخل الشكّ والريبة لموضع الاشتباه، فإنَّ الواجب أن يتركها تغليبًا لجانب التحريم، وعملاً بالاحتياط في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ»، ولقوله صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ».
أمَّا الأجبان المحتوية على «الإنفحة» أو «رينات» فإنه ما دامت تستخرج من بطن الجدي أو الحمَل الرضيع وهما ممَّا يؤكل لحمها فلا إشكال فيما إذا ذُكِّيَ هذا الحيوانُ الذكاةَ الشرعية.
وإنَّما يرد الإشكال فيما إذا كانت هذه الحيوانات ميتة أو لم تُذَكَّ الذكاةَ الشرعية على ما هو جار في معظم بلاد الغرب الأوروبي من أهل الكتاب، أو كانت من ذبائح المجوس، الأمر الذي أحدث خلافًا بين أهل العلم في الجواز والمنع، واختلافهم ناشئ عن اختلافهم في لبن الميتة وإِنفِحَتها، هل هما طاهران أو نجسان، فمن رأى نجاستها حكم بتحريم ما يصنع بالإنفحة، حلويات كانت أو أجبانًا، وهو مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد ومن رأى طهارتهما حكم بجوازها وهو مذهب أبي حنيفة، والرواية الأخرى عن الإمام أحمد ارتضاها شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال -رحمه الله-: «والأظهر أن جُبْنَهم حلالٌ -يعني المجوس- وأنَّ إنفحةَ الميتةِ ولبنَها طاهرٌ» وهو الظاهر من القولين عملاً بفعل الصحابة لَمَّا فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس وشاع هذا بينهم من غير نكير، فضلاً على أنَّ اللبن والإنفحة ليسَا محلاًّ للموت، وإنما أخذ حكم نجاستها عند من يقضي بنجاستها لكونهما مستخرجين من ذات الميتة وهي وعاء نجس، غير أنَّه لا يتمُّ التسليم أنَّ المائع ينجس بملاقاة النجاسة لعموم حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: «المَاءُ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»، والمائعات كُلُّها حكمها حكم الماء قَلَّت أو كَثُرَت، وعليه يتقرَّر حكم بيع الحلويات والأجبان وهو الحلُّ والجواز ما لم يعلم احتواؤهما على مادة محرَّمة كشحم الخنزير أو أحد أجزاء الميتة ممَّا تحلُّها الحياة، ففي هذه الحال تحرم قطعًا إذا لم تتغير حقائقها.
فإذا تقرّر هذا الأصل في كلا المسألتين، فإنّه يبقى الحكم على أفرادها يُعلم بنوعٍ من تحقيق المناط.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
وَجَمَعَهُ
أَبُو مَرْيَمَ أَيْمَنِ بْنِ دِيَابٍ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْعَابِدِينِي
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ
__________
(1) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قرار رقم: 85 (3/ 15).