جديدالموقع

الغضب آداب وأحكام


  
كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،،
     فيا أيها القارئ الكريم  اعلم : " أن الغضب عدو العقل ، وهو له كالذئب للشاة قلَّ ما يتمكن منه إلا اغتاله "( إغاثة اللهفان ص49)، والغضب من الصفات التي ندر أن يسلم منه أحد بل تركه بالكلية صفة نقص لا كمال -كما سيأتي بيانه- " والغضب ينسي الحرمات ، ويدفن الحسنات ، ويخلق للبريء جنايات " (قرى الضيف 4 / 224) .
وكثير منا لا يحسن الغضب إن غضب ، ولم نرب أنفسنا وأولادنا كيف نغضب ولماذا نغضب  وفي هذه المقال جمعت ما يَسَّر الله - تعالى - جمعه مما يتعلق بهذا الموضوع  سائلا المولى جل جلاله التوفيق والسداد .
أَوَّلاً : تَعْرِيفُ الْغَضَبِ :
 عَرَّف الغضبَ جمعٌ من علماء اللغة وغيرهم ، واختلفت العبارات ، واتفقت الثمرة فكلمة ( الغضب ) يدرك معناها الصغير ، والكبير بلا تكلف أو تعب فتوضيح الواضحات - كما يقال - من الفاضحات ، وقد يزيده غموضا وإشكالا  قال المناوي –رحمه الله تعالى – " والغضب  كيفية نفسانية وهو بديهي التصور "ا.هـ (فيض القدير 6/81) ومع ذلك لابد من ذكر شيء من ذلك :
قال القرطبي -رحمه الله تعالى- " وَالْغَضَبُ فِي اللُّغَةِ الشِّدَّةُ. وَرَجُلٌ غَضُوبٌ أَيْ شَدِيدُ الْخُلُقِ. وَالْغَضُوبُ: الْحَيَّةُ الْخَبِيثَةُ لِشِدَّتِهَا. وَالْغَضْبَةُ: الدَّرَقَةُ مِنْ جِلْدِ الْبَعِيرِ يُطْوَى بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشِدَّتِهَا. " ا.هـ (تفسير القرطبي 1/150)
وقيل في معناه :  تَغَيُّرٌ يَحْصُل عِنْدَ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ لِيَحْصُل عَنْهُ التَّشَفِّي لِلصَّدْرِ .( التعريفات /168)، وقيل : الْغَضَبُ إِرَادَةُ الإْضْرَارِ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ.
ثَانِيًا: أسباب الغضب :
بواعث الغضب ، وأسبابه كثيرة جدا ، والناس متفاوتون فيها ، فمنهم مَن يَغضب لأمر تافه لا يُغضب غيره وهكذا ، فمِن أسباب الغضب :
(1)          الْعُجْبُ : فالعجب بالرأي والمكانة والنسب والمال سبب للعداوة إن لم يُعقل بالدين وذلك برده ودفعه فالعجب قرين الكِبْر وملازم له ، والكِبْر من كبائر الذنوب فقد قال النبي e:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه مسلم ح(91)، ولهذا فقد كان السلف يُحذرون من أسباب العُجب ، ولو لم تكن مباشرة فعن سليم بن حنظلة قال : بينا نحن حول أُبي بن كعب نمشي خلفه إذ رآه عمر فعلاه بالدرة ، فقال : أنظر يا أمير المؤمنين ما تصنع ؟ فقال : «إِنَّ هَذَا،  ذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ ، وَفِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ » أنظر: التواضع لابن أبي الدنيا ح (51). وجاء أن يحيى بن زكريا لقي عيسى بن مريم –عليهما السلام- فقال : أخبرني بما يُقرِّب من رضا الله ، وما يُبعد من سخط الله ؟ فقال : " لا تغضب " . قال : الغضب ما يبدأه وما يعيده ؟ قال : " التعزز والحمية والكبرياء والعظمة " أنظر: الزهد لابن المبارك ح (44).
(2)           الْمِرَاءُ : هُوَ الْجِدَالُ قال عبد الله بن الحسين : " المراء رائد الغضب فأخزى الله عقلا يأتيك به الغضب " ا.هـ البيان والتبيين للجاحظ (1/208)، وللمراء آفات كثيرة منها : الغضب لهذا فقد نهى الشارع عنه قال النبي e: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا » أنظر: الصحيحة ح (273).
(3)    الْمُزَاحُ : تجد بعض المكثرين من المزاح يتجاوز الحد المشروع منه : إما بكلام لا فائدة منه ، أو بفعل مؤذ قد ينتج عنه ضرر بالغ ثم يزعم بعد ذلك أنه كان يمزح ؛ لذا قال النبي e: « لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ صَاحِبِهِ جَادًّا وَلاَ لاَعِباً » انظر: ح(7578) في صحيح الجامع، وقال عمر بن عبد العزيز –رحمه الله تعالى – " إِيَّايَ وَالْمِزَاحَ , فَإِنَّهُ يَجُرُّ الْقَبِيحَ وَيُورِثُ الضَّغِينَةَ " رواه ابن أبي شيبة (7/243)، وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانُ-رحمه الله-: " إذَا كَانَ الْمُزَاحُ أَمَامَ الْكَلَامِ ، فَآخِرُهُ الشَّتْمُ وَاللِّطَامُ" أنظر: الآداب الشرعية.
(4)    بذاءة اللسان وفحشه : بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور ، ويثير الغضب ، وقد قال النبي e: « إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» أنظر: الصحيحة ح( 876 ).
ثَالِثًا: أنواع الغضب : الْغَضَبُ بِحَسَبِ الأْسْبَابِ الْمُحَرِّكَةِ لَهُ قَدْ يَكُونُ مَحْمُودًا أَوْ مَذْمُومًا .
النَّوْعُ الأْوَّل :  الْغَضَبُ الْمَحْمُودُ: وهو ما كان لله - تعالى- عندما تنتهك محارمه ، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان إذ أن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان قال تعالى عن موسى u بعد علمه باتخاذ قومه العجل :{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 150].
أما غضب النبي e فلا يُعرف إلا أن تنتهك محارم الله – تعالى- فعَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها-، قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ e شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (رواه مسلم ح(2328)).
ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ e عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِى الْقَدَرِ فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِى وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْغَضَبِ فَقَالَ: « بِهَذَا أُمِرْتُمْ ؟ أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ ؟ تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ بِهَذَا هَلَكَتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ » فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مَا غَبَطْتُ نَفْسِى بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e مَا غَبَطْتُ نَفْسِى بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِى عَنْهُ. (صحيح ابن ماجة ح (85)) ، وما أكثر ما تنتهك محارم الله تعالى في هذا الزمان علنا وسرا ، فكثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لا همَّ لها سوى نشر الرذيلة ، ومحاربة الفضيلة ، وإشاعة الفاحشة ، وبث الشبهات ، وتزيين المنكر ، وإنكار المعروف ، والاستهزاء بالدين وشعائره فهذا كله مما يوجب الغضب لله –تعالى- وهو من الغضب المحمود ، وعلامة على قوة الإيمان ، وهو ثمرة لحفظ الأوطان ،وسلامة الأبدان ، وتظهر ثمرة الغضب هنا بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والرد على الشبهات أما السكوت المطبق مع القدرة على التغيير فسبب للهلاك فعن أم المؤمنين زينب بنتِ جحش-رَضِي الله عنها- : أن النَّبيّ e دخل عَلَيْهَا فَزِعاً ، يقول : « لا إلهَ إلاّ الله ، وَيلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلَ هذِهِ » ، وحلّق بأُصبُعيهِ الإبهامِ والتي تليها ، فقلتُ : يَا رَسُول الله ، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : « نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وكذلك من الغضب المحمود : الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء ، وانتهاك للأعراض ، واستباحة للأموال ، وتدمير للبلدان بلا حق .أنظر: "الغضب" د/نايف (ص6).
النَّوْعُ الثَّانِي :  الْغَضَبُ الْمَذْمُومُ : وهو ما كان في سبيل الباطل والشيطان كالحمية الجاهلية ، والغضب بسبب تطبيق الأحكام الشرعية ، وانتشار حلق تحفيظ القرآن الكريم ، ومعاداة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بسبب محاربتهم للرذيلة ، وكذا الدفاع عن المنكرات كالتبرج والسفور ، وسفر المرأة بلا محرم ، ويظهر ذلك جليا في كتابة بعض كُتَّاب الصحف فتجد أحدهم يغضب بسبب ذلك ، ولا همَّ له سوى مسايرة العصر !! سواء وافق الشرع المطهر أو خالفه فالحق عندهم ما وافق هواهم والباطل ما حدَّ من مبتغاهم  قال تعالى:{لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } [النور: 46 - 52].
النَّوْعُ الثَّالِثُ : الْغَضَبُ الْمُبَاحُ : وهو الغضب في غير معصية الله –تعالى- ولم يتجاوز حدَّه كأن يجهل عليه أحد ، وكظمه هنا خير وأبقى قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134] ومما يُذكر هنا جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}، فَقَالَ لَهَا: " قَدْ كَظَمْتُ غَيْظِي "، قَالَتْ: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، فَقَالَ لَهَا: " قَدْ عَفَا اللهُ عَنْكِ "، قَالَتْ: {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، قَالَ: " اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ " رواه البيهقي في الشعب ح(8317) .
وَقَالَ: نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ: إِنَّا كُنَّا عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَاتُوا كُتُبَكُمْ حَتَّى أَقْرَأَ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ إِلَيْهِ الْكُتُبَ مِنْ قَرِيبٍ وَمِنْ بَعِيدٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ يُسَمِّعُ كِتَابَ الِاسْتِئْذَانِ، فَرَمَى بِكِتَابِهِ، فَأَصَابَ صَلْعَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ حَرْفُ كِتَابِهِ، فَانْشَقَّ وَسَالَ الدَّمُ، فَجَعَلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُعَالِجُ الدَّمَ حَتَّى سَكَنَ، ثُمَّ قَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ، كَادَ أَنْ يَكُونَ قِتَالًا " ثُمَّ بَدَأَ بِكِتَابِ الرَّجُلِ فَقَرَأَهُ . رواه البيهقي في الشعب ح(8320) .
قال ابن حبان-رحمه الله تعالى- " والخلق مجبولون على الغضب ، والحلم معا ، فمن غضب وحلم في نفس الغضب فإن ذلك ليس بمذموم ما لم يخرجه غضبه إلى المكروه من القول والفعل على أن مفارقته في الأحوال كلها أحمد " ا.هـ أنظر: روضة العقلاء (ص141).
رَابِعًا: درجات الناس في قوة الغضب :
الْأُولَى: التَّفْرِيطُ : ويكون ذلك بفقد قوة الغضب بالكلية أو بضعفها .
الثَّانِيَة: الْإِفْرَاطُ : ويكون بغلبة هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين ولا تبقى للمرء معها بصيرة ونظر ولا فكرة ولا اختيار .
الثَّالِثَة : الِاعْتِدَالُ : وهو المحمود وذلك بأن ينتظر إشارة العقل والدين. أنظر : إحياء علوم الدين (3/179).
خَامِسًا: علاج الغضب : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِىِّ e قَالَ:« مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً » البخاري ح( 5354).
ومن الأدوية لعلاج داء الغضب :
أَوَّلاً : الاِسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ : قال تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }[فصلت: 36].
 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ t قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِىِّ e وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، فَقَالَ النَّبِىُّ e:« إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ . ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ » . فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِىَّ e قَالَ:« تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ » . فَقَالَ: وَهَلْ بِى جُنُونٌ ؟.رواه البخاري ح( 3108) .
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- قَالَ الطُّوفِيّ : أَقْوَى الْأَشْيَاء فِي دَفْع الْغَضَب اِسْتِحْضَار التَّوْحِيد الْحَقِيقِيّ ، وَهُوَ أَنْ لَا فَاعِل إِلَّا اللَّه ، وَكُلّ فَاعِل غَيْره فَهُوَ آلَة لَهُ ، فَمَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِمَكْرُوهٍ مِنْ جِهَة غَيْره فَاسْتَحْضَرَ أَنَّ اللَّه لَوْ شَاءَ لَمْ يُمَكِّن ذَلِكَ الْغَيْر مِنْهُ اِنْدَفَعَ غَضَبه ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَضِبَ وَالْحَالَة هَذِهِ كَانَ غَضَبه عَلَى رَبّه جَلَّ وَعَلَا وَهُوَ خِلَاف الْعُبُودِيَّة . قُلْتُ : وَبِهَذَا يَظْهَر السِّرُّ فِي أَمْره e الَّذِي غَضِبَ بِأَنْ يَسْتَعِيذ مِنْ الشَّيْطَان لِأَنَّهُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى اللَّه فِي تِلْكَ الْحَالَة بِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ الشَّيْطَان أَمْكَنَهُ اِسْتِحْضَار مَا ذُكِرَ ، وَإِذَا اِسْتَمَرَّ الشَّيْطَان مُتَلَبِّسًا مُتَمَكِّنًا مِنْ الْوَسْوَسَة لَمْ يُمْكِنهُ مِنْ اِسْتِحْضَار شَيْء مِنْ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .أنظر: الفتح (10/521).
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى–:" وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته " ا.هـ التبيان في أقسام القرآن (ص265).   
ثَانِيًا : تَغْيِيرُ الْحَال: عَنْ أَبِى ذَرٍّ t قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ لَنَا :« إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلاَّ فَلْيَضْطَجِعْ ». صحيح سنن أبي داود ح (4782) .
ثَالِثًا: تَرْكُ الْمُخَاصَمَةِ وَالسُّكُوتِ:  قال العلَّامة السعدي –رحمه الله تعالى " ومن الأمور النافعة أن تعلم أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة لا تضرك بل تضرهم إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها ، وسوغت لها أن تملك مشاعرك , فعند ذلك تضرك كما ضرتهم ، فإن أنت لم تصنع لها بالا ، لم تضرك شيئا "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة (ص25)  .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t عَنِ النَّبِىِّ e أَنَّهُ قَالَ :« عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ ». أنظر:" الصحيحة " ح (1375). قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- " وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب ؛ لأنَّ الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليهِ في حال زوال غضبه كثيراً من السِّباب وغيره مما يعظم ضَرَرُهُ ، فإذا سكت زال هذا الشرّ كله عنه ، وما أحسنَ قولَ مورق العجلي - رحمه الله - : ما امتلأتُ غيضاً قَطُّ ولا تكلَّمتُ في غضبٍ قطُّ بما أندمُ عليهِ إذا رضيتُ " ا.هـ جامع العلوم والحكم (1/146).
رَابِعًا : الْوُضُوءُ : وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُتَحَرَّزُ بِهِ لاَ سِيَّمَا عِنْدَ ثَوَرَانِ قُوَّةِ الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ فَإِنَّهَا نَارٌ تَغْلِي فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ.
قال العلَّامة ابن عثيمين-رحمه الله- في " شرح الأربعين " تحت الحديث " السادس عشر ": وأما الدواء الفعلي: إذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان جالساً فليضطّجع ، لأن تغير حاله الظاهر يوجب تغير حاله الباطن ، فإن لم يفد فليتوضّأ ، لأن اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب ، ولأن الوضوء يطفئ حرارة الغضب.
خَامِسًا : استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ: فمن استحضر الثواب الكبير الذي أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سببا في ترك الغضب والانتقام للذات ، وبتتبع بعض الأدلة من الكتاب والسنة نجد جملة من الفضائل لمن ترك الغضب منها :
(1)   الظفر بمحبة الله تعالى والفوز بما عنده: قال تعالى:( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134) ومرتبة الإحسان هي أعلا مراتب الدين، وقال تعالى:( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى:37) .
(2)   ترك الغضب سبب لدخول الجنة : عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، قَالَ:"لا تَغْضَبْ ، وَلَكَ الْجَنَّةُ " أنظر: صحيح الترغيب ح (2749).
(3)   النجاة من غضب الله تعالى:  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوt ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَمْنَعُنِي مِنْ غَضَبِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» أنظر: التعليق الرغيب (3/ 277). فالجزاء من جنس العمل ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله تعالى خيرا منه. وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِىُّ t كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِى بِالسَّوْطِ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِى « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ - قَالَ - فَلَمَّا دَنَا مِنِّى إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ e فَإِذَا هُوَ يَقُولُ:« اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». قَالَ فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِى فَقَالَ:« اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ ». قَالَ فَقُلْتُ لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا. رواه مسلم ح( 1659) وكان أبو الدرداء t يقول:" أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب واحذر أن تظلم من لا ناصر له إلا الله " ا.هـ. أنظر: البيان والتبيين (1/456). 
(4)   كظم الغيظ من أفضل الأعمال:  عَنِ ابْنِ عُمَرَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: « مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ » صحيح سنن ابن ماجة ح(4189). قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى-: " ما تجرع عبد جرعة أعظم من جرعة حلم عند الغضب ، وجرعة صبر عند المصيبة ، وذلك لأن أصل ذلك هو الصبر على المؤلم ، وهذا هو الشجاع الشديد الذي يصبر على المؤلم ، والمؤلم إن كان مما يمكن دفعه أثار الغضب ، وإن كان مما لا يمكن دفعه أثار الحزن ، ولهذا يحمر الوجه عند الغضب لثوران الدم عند استشعار القدرة ، ويصفر عند الحزن لغور الدم عند استشعار العجز " ا.هـ الاستقامة (2/272) .
سَادِسًا : كَثْرَةُ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل: فَعَنِ الْحَارِثِ الأْشْعَرِيِّ t أَنَّ النَّبِيَّ e قَال : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَل بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا:ومنها .... وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنَّ مَثَل ذَلِكَ كَمَثَل رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى . . . . الْحَدِيثَ . صحيح الجامع ح(1724)، وقال تعالى:( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) فمن اطمئن قلبه بذكر الله تعالى كان أبعد ما يكون عن الغضب قال عِكْرِمَة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}[الكهف: 24]، قَالَ: " إِذَا غَضِبْتَ " رواه البيهقي في الشعب ح( 8296) .
سَابِعًا: العمل بوصية رسول الله e: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ e أَوْصِنِى . قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . رواه البخاري ح( 5765) . هنيئا لمن امتثل هذه الوصية وعمل بها ولا شك أنها وصية جامعة مانعة لجميع المسلمين ، قال العلَّامة السعدي –رحمه الله تعالى-" هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي , وهو يريد أن يوصيه النبي e بكلام كلي , ولهذا ردد . فلما أعاد عليه النبي e , عرف أن هذا كلام جامع , وهو كذلك ؟ فإن قوله : « لاَ تَغْضَبْ » يتضمن أمرين عظيمين :
أَحَدَهُمَا : الأمر بفعل الأسباب , والتمرن على حسن الخلق , والحلم والصبر , وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق , من الأذى القولي والفعلي . فإذا وفق لها العبد , وورد عليه وارد الغضب , احتمله بحسن خلقه , وتلقاه بحلمه وصبره , ومعرفته بحسن عواقبه , فإن الأمر بالشيء أمر به , وبما لا يتم إلا به , والنهي عن الشيء أمر بضده , وأمر بفعل الأسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه , وهذا منه . 
الثَّانِي : الأمر - بعد الغضب - أن لا ينفذ غضبه : فإن الغضب غالبا لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده , ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه . فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب . فمتى منع نفسه من فعل آثار الغضب الضارة , فكأنه في الحقيقة لم يغضب . وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية , والقوة القلبية " ا.هـ بهجة قلوب الأبرار (ص136).  
قال ميمون بن مهران : جاء رجل إلى سلمان t فقال : يا أبا عبد الله أوصني . قال : لا تغضب . قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملك . قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك . انظر: جامع العلوم والحكم (1/147) .
ثَامِنًا : النظر في نتائج الغضب : فكثير الغضب تجده مصابا بأمراض كثيرة كالسكري والضغط والقولون العصبي وغيرها مما يعرفها أهل الاختصاص ، روي عن علي t أنه قال " لذة العفو يلحقها حمد العاقبة , ولذة التشفي يلحقها ذم الندم " أنظر: المستطرف (ص406). وقيل : من أطاع الغضب أضاع الأرب .
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى – " إن الغضب مرض من الأمراض ، وداء من الأدواء فهو في أمراض القلوب نظير الحمى والوسواس والصرع في أمراض الأبدان فالغضبان المغلوب في غضبه كالمريض والمحموم والمصروع المغلوب في مرضه والمبرسم المغلوب في برسامه " ا.هـ إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان (ص53).
تَاسِعًا : أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ:« لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ » متفق عليه:رواه البخاري (5763) ومسلم (2609) .قال ابن القيم –رحمه الله تعالى – " أَيّ مَالِك نَفْسه أَوْلَى أَنْ يُسَمَّى شَدِيدًا مِنْ الَّذِي يَصْرَع الرِّجَال " ا.هـ حاشية ابن القيم على مختصر سنن أبي داود 13/271.

عَاشِرًا: قبول النصيحة والعمل بها : فعلى من شاهد غاضبا أن ينصحه ، ويذكره فضل الحلم ، وكتم الغيظ ، وعلى المنصوح قبولُ ذلك قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِىْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ e :( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ . وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ . رواه البخاري ح(4366) . أنظر: "الغضب" د/نايف (ص2 - 21) بتصرف.
سَادِسًا : صور من هدي السلف عند الغضب:
سب رجل ابن عباس t فلما فرغ قال : يا عكرمة هل للرجل حاجة فنقضيها ؟ فنكس الرجل رأسه واستحى. أنظر: المستطرف (ص201).
وقال أبو ذر t لغلامه : لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس ؟ قال : أردت أن أغيظك . قال : لأجمعن مع الغيظ أجرا أنت حر لوجه الله تعالى . أنظر: المستطرف (ص201).
وأسمع رجل أبا الدرداء t كلاما , فقال : يا هذا لا تغرقن في سبنا ودع للصلح موضعا فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه . أنظر: المستطرف (ص203).
قال الأحنف بن قيس –رحمه الله تعالى – لابنه: يا بني إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه , فإن أنصفك وإلا فاحذره . أنظر: المستطرف (ص203).
هذا والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل