جديدالموقع

عام جديد ومواسم الطاعة






كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،،
فيا أيها القارئ الكريم اعلم أَنَّ الكَيِّسَ مَنْ خَافَ رَبَّهُ وَدَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الموت، الذِي لازَمَ الشَّرْعَ بِأَمْرِ الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ، وَحَفِظَ قَلْبَهُ مِنْ نِسْيانِ ذِكْرِ اللهِ وَبَادَرَ دَائِمًا بِالسُّرْعَةِ للعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ كَسَلٍ وَلا مَلَلٍ.
فَالشِّتَاءُ تَنْزِلُ فيهِ البَرَكَةُ وَيَطُولُ فيهِ الليلُ لِلْقِيَامِ، ويَقْصرُ فيهِ النَّهَارُ لِلصِّيَام قَالَ e: (( إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا )) الصحيحة تحت ح (1890)، فَإِذَا أَقْبَلَ الشِّتَاءُ فَخَرَجْنَا بِغَنِيمَةِ العَابِدينَ وَرَبِيعِ المؤمِنِين، كُنَّا مِنَ الفَائِزِينَ بِإِذْنِ اللهِ. عَنْ عَامِرِ بِنِ مَسعودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: « الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِى الشِّتَاءِ » الصحيحة  ح ( 1922 )، وكانَ أبو هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنهُ يقولُ: " أَلا أَدُلُّكُمْ علَى الغنيمَةِ البَارِدَةِ، قَالُوا: بَلَى، فَيَقُولُ: الصِّيامُ فِي الشِّتَاءِ" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا، ومعنَى الغَنِيمَة البَارِدَةِ: أي السَّهْلَة، ولأنَّ حرارَةَ العَطَشِ لا تَنَالُ الصَّائِمَ فيهِ. 
قالَ عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرِ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ وَأَئِمَّتِهِم بِمَكَّةَ: " قِيَامُ لَيْلِ الشِّتَاءِ يَعْدِلُ صِيامَ نَهارِ الصَّيْفِ " أنظر: لطائف المعارف (1/327).
وثبتَ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضيَ الله عنه أنه قالَ: « الشِّتَاءُ غَنِيمَةُ الْعَابِدِينَ » رواهُ أَبُو نُعَيْم بِإِسنادٍ صحيحٍ.
فَكَيْفَ يَسْتَغِلُ المسلِمُ لَيلَ وَنَهَارَ الشِّتاءِ ؟
إِنَّما كانَ الشِّتَاءُ غَنِيمَةَ الْعَابِدِينَ لأنهُ يَرْتَعُ فيهِ في بَساتِينِ الطَّاعَاتِ، وَيَسْرَحُ فيهِ فِي مَيادِينِ العِبَادَات، وَينَزهُ قلبَهُ في بَسَاتينِ الطاعَاتِ المُيَسَّرَةِ فيهِ، فَإِنَّ المؤمِنَ يَقْدِرُ فِي الشِّتَاءِ عَلَى صِيامِ نَهَارِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَلا كُلْفَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِنْ جُوعٍ ولا عَطَش، فَإِنَّ نَهَارَهُ قَصِيرٌ بَارِد، فَلا يَحُسُّ فيهِ بِمَشَقَّةٍ كبيرَةٍ لِلصيامِ.
وقَدْ أَكَّدَ الصحابَةُ رضوانُ اللهِ عليهم على ذلكَ، وَكانوا يَعْتَنُونَ بِالشِّتاءِ وَيُرَحِّبُونَ بِقُدُومِهِ وَيَفْرَحُونَ بذلكَ وَيَحُثُّونَ النَّاسَ على اغْتِنَامِهِ ، كَمَا ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيرَةَ آنفاً .
وللهِ دَرُّ الحَسَنِ البصْرِيِّ-رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ قَائِلٍ: " نِعْمَ زَمَانُ المؤمِنِ الشِّتَاءُ ليلُهُ طويلٌ يَقُومُهُ، وَنَهَارُهُ قَصِيرٌ يَصُومُهُ " .
وكانَ عُبَيْدُ بن عُمَيْر إِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ يقولُ: " يَا أهلَ القُرْءَانِ ، طَالَ لَيلُكُمْ لِقِرَاءَتِكُمْ فَاقْرَؤُوا ، وَقَصرَ النَّهارُ لِصِيامِكُمْ فَصُومُوا " أنظر: لطائف المعارف (1/327).
فَإِذَا لَمْ نَصُمْ صِيَامَ داودَ، أَفَلا نَصُومُ الاثنينَ والخميسَ ؟ وإذَا لَمْ نَصُم الاثنينَ والخميسَ، أفلا نَصُومُ الأيَّامَ البيضَ ؟ وهي الثَّالِثَ عَشَرَ والرَّابعَ عَشَرَ وَالخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ!.
القارئ الكريم : فرصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ لِلْمُشْتَغِلِ الذِي يَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَغَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ لَهُ، وَلِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاء، أو مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ فَلْيَغْتَنِمُوا جميعًا هذه الغَنِيمَةَ البَارِدَةَ.
وأَمَّا قيامُ لَيْلِ الشِّتَاءِ فَلِطُولِهِ، فَفِيهِ قَدْ تَأْخُذُ النَّفْسَ حَظَّهَا مِنَ النَّوْمِ، ثُمَّ تَقُومُ بعدَ ذلكَ إلَى الصَّلاةِ، فَيقَرَأُ المُصَلِّي وِرْدَهُ، وَقَدْ أَخَذَتْ نَفْسُهُ حَظَّهَا الْمُحْتَاجَةَ إليهِ منَ النَّومِ، معَ إِدْرَاكِ وِرْدِهِ، فَيَكمُلُ لهُ مصلَحَةُ دينِهِ وَرَاحَةُ بَدَنِه.
إنَّ الشِّتَاءَ أَمْرُهُ عَجِيبٌ لِمَنْ تَذَوَّقَ فيهِ طَعْم العِبَادَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالَى مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنَّهُمْ :{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[الذاريات: 17] . الْهُجُوعُ : النَّوْمُ لَيْلاً. وقَدْ وَرَدَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَكَى عِنْدَ مَشْهَدِ الاحْتِضَارِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَتَبْكِي ؟! فقَالَ: "مالِي لا أَبْكِي، وَمَنْ أَحَقُّ بِذلكَ مِنِّي ؟ واللهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى دُنْيَاكُمْ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الهَوَاجِرِ وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ "[أنظر: صفة الصفوة (3/202)]، وليسَ هَذَا بِغَرِيبٍ، فَإِنَّ لِلْعِبَادَةِ لَذَّةً، مَنْ فَقَدَهَا فَهُوَ مَحْرُوم.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهب-رَحِمَهُ اللهُ-: " كُلُّ مَلْذُوذٍ إِنَّمَا لَهُ لَذَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلاَّ العِبَادَةَ فَإِنَّ لَهَا ثَلاث لَذَّاتٍ: إِذَا كُنْتَ فِيهَا، وَإِذَا تَذَكَّرْتَهَا، وَإِذَا أُعطِيتَ ثوابَها " .
وكانَ أَبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقْسِمُ ليلَهُ ثَلاثَةَ أَقْسَام بينَ القِيَامِ وَالنَّومِ وَطَلَبِ العِلمِ، وَكانَ يَقُولُ: "جَزَّأْتُ الليلَ ثَلاثَةَ أَجْزاء: ثُلُثًا أُصَلِّي، وَثُلُثًا أنَامُ، وَثُلُثًا أَذْكُرُ فيهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم" أنظر: مختصر " قيام الليل " للمَرْوَزِي (ص 101).
وَإِنَّمَا الأَيَّامُ مَراحِلُ يَقْطَعُهَا المسلِمُ مَرْحَلَةً مرحلَةً، وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ مَرْحَلَةٍ زَادًا للآخِرَةِ.


وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ صلاة الرجل في جوف الليل تطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماءُ النارَ . صحيح الترغيب ح (2866) ، وأنَّ الله - تعالى- يَنْزِل إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: ((مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ )) رواه مسلم ح (758) ، وهذه الفضائل محرومٌ منها أكثرُ الناس اليوم، الذين يسهرون أمام الملاهي إلى نصف الليل، ثم ينامون عن صلاة الفجر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديثَ بعدها، إلا في خيرٍ، وفي الحديث: ((لَا سَمَرَ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: مُسَافِرٍ ، أَوْ مُصَلٍ ، أَوْ عَرُوسٍ)) الصحيحة ح (2435)، وقيام ليل الشتاء يعدل صيامَ نهار الصيف في الفضل العظيم ، والثواب الجسيم .
وإسباغ الوضوء في شدَّة البرد من أفضل الأعمال، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ » قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: « إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» رواه مسلم ح (251)، وفي حديث معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى ربَّه - عز وجل - يعنى: في المنام - فقال له: ((يَا مُحَمَّدُ ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى ؟))، قَالَ: (( فِي الدَّرَجَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ ، قَالَ : « الْكَفَّارَاتُ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ بِالسَّبَرَاتِ ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ- وفي رواية " الْجَمَاعَاتِ "- ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ »، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، « وَالدَّرَجَاتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ » )) الصحيحة ح (3169)، والسبرة: شدة البَرْد.
وقد امتنَّ الله على عبادِه بأن خلَق لهم من أصواف بهيمة الأنعام وأوبارها وأشعارها ما فيه دفء لهم من البرد؛ قال - تعالى -: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) [النحل:5]، وقال - تعالى -: (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) [النحل:80]، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا حضر الشتاء تعاهدهم، وكتب لهم بالوصية: "إنَّ الشتاء قد حضر، وهو عدو، فتأهبوا له أهبته من الصُّوف والخفاف والجوارب، واتَّخِذوا الصوف شعارًا ودثارًا؛ فإن البرد عدوٌّ سريعٌ دخولُه، بعيدٌ خُرُوجُه"، وذلك من تَمام نصيحته وحسن نظره، وشفقته وحياطته لرعيته - رضي الله عنه -.أنظر: لطائف المعارف (ص356).
ومن فضائل الشتاء أنه يذكر بزمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها، وتجنُّب الأعمال الموصلة إليها، من ترك الواجبات، وعمَل المحرَّمات، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ورُويَ عن ابن عباس قال: يستغيث أهل النار من الحر، فيغاثون بريح باردة، يصدع العظامَ بردُها.
فيا مَن تتلى عليه أوصاف جهنم، ويشاهد تنفُّسها كل عام، حتى يحس به ويتألَّم، وهو مصرٌّ على ما يقتضي دُخُولها مع أنه يعلم، ستعلم إذا جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرُّونها - من يندم، ألك صبر على سعيرها وزمهريرها ؟! قل لي وتكلم ما كان صلاحك يرجى، والله أعلم. أنظر: لطائف المعارف (1/341 - 349).
أَدَآبٌ وَأَحْكَاَمٌ :
·       ما يقال عن رؤية السحاب ونزول المطر : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ الْعَمَلَ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا" فَإِنْ مُطِرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا" )) الصحيحة ح( 2757 )، وفي رواية قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» البخاري ح (1032) ، وفي رواية قَالَ: « مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
·       الدعاء لا يرد وقت نزول المطر: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ثنتان ما تردان الدعاء : عند النداء ، وتحت المطر )) صحيح الجامع ح (3078).
·       من هدى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند نزول المطر: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: - أَصَابَنَا -وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ- - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ, حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ اَلْمَطَرِ, فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: « لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح (898).
·       ما يقال عند التضرور من زيادة المطر: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مثل هذا الحال: « اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
·       صلاة الاستسقاء : وهي طلب السقيا من الله –تعالى- عند حصول الجدب بصلاة أو بدعاء بغير صلاة، وسبب الجدب والقحط ارتكاب المخالفات فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، مرفوعاً قَالَ: ((... وَلَمْ يَمْنَعُوا -أي العباد- زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا )) الصحيحة ح (106)، وَعَنِ بُرَيْدَةَ مرفوعاً قَالَ: ((... وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا حَبَسَ اللهُ عَنْهُمُ الْقَطْرَ )) الصحيحة ح (106)، قال مجاهد-رحمه الله- في قوله:"أولئك يَلعنهم الله ويَلعنهم اللاعنون"، البهائم، قال: إذا أسنَتَتِ-أي أجدبت- السَّنة، قالت البهائم: هذا من أجل عُصَاة بني آدم، لعنَ الله عُصَاة بني آدم!. تفسير الطبري (3/254).
وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة تصلى جماعة وفرادى وهي كصلاة العيد في الأحكام ، إلا أنه يخرج إلي المصلى متواضعاً متذللاً ولا يتطيب لقول ابن عباس-رضي الله عنهما- : «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ، وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ» صحيح: الإرواء ح (665)، ثم يصلي ركعتين ثم يخطب ويذكر الناس بالتوبة والاستغفار ثم يرفع يديه لقول أنس  قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، ثم يدعو ومن دعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ» صحيح سنن أبي داود ح (1169).
·       ما يقال عند هبوب الرياح، والنهي عن سبها: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح (899)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» صحيح سنن أبي داود ح (5097).
·       ما يقال عند سماع الرعد: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ : ((  سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثُمَّ يَقُولُ : " إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ " )) صحيح الأدب المفرد ح (560).
·       الجمع بين الصلوات المفروضات: يباح الجمع بين صلاتي " الظهر والعصر " و " المغرب والعشاء " في وقت أحدهما تقديماً أو تأخيراً لشدة الخوف أو البرد أو المطر أو الوحل لقول ابن عباس-رضي الله عنهما- قَالَ:«جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ» ... قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح (705).
·       التبكير بالصلاة عند شدة البرد: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ :« كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ » رواه البخاري ح (906)، قال الإمام المناوي-رحمه الله-: ((أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شئ فقد بكر إليه)) فيض القدير (5/128) ، وقال الإمام ابن قدامة-رحمه الله- : (( وَلَا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ ، فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ ، خِلَافًا . قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ )) المغني (1/433).
·       الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة: يعذر بترك الجمعة والجماعة في الشتاء من حصل له أذى بمطر يبل الثوب ومعه مشقة، أو وحل-أي طين- ، أو ثلج ، أو ريح باردة شديدة لقول ابن عمر-رضي الله عنهما- : «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوْ اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ » صحيح سنن ابن ماجة ح (937).
·       جواز الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر: قال شيخ الإسلام-رحمه الله-: ((وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشْيَةَ الِانْقِطَاعِ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ حُصُولِ ضَرَرٍ بِالْمَشْيِ)) الفتاوى الكبرى (5/653)، وقال الإمام ابن قدامة-رحمه الله-: ((وَمَنْ كَانَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ أَوْمَأَ إيمَاءً وَجُمْلَةُ ذَلِكَ ، أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا بِالتَّلَوُّثِ بِالطِّينِ وَالْبَلَلِ بِالْمَاءِ ، فَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى دَابَّتِهِ ، يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ : رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ فِي مَاءٍ وَطِينٍ . وَفَعَلَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَأَمَرَ بِهِ طَاوُسٌ ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَقَالَ : وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ )) المغني (1/670).
·       المسح على الخفاف أو الجوارب: ثبت بالسنة المتواترة عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح على الخفين .
(1)             صفة المسح: أن يمسح الخف-وهو المصنوع من جلد- أو الجورب-وهو المصنوع من قطن- من أعلاه من أطراف الأصابع إلي ساقه لقول علي t : «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» صحيح سنن أبي داود ح (162).
(2)             شروط المسح:
·       ادخالهما بعد تمام الوضوء بالماء .
·       أن يكونا- الخفين أو الجوربين- طاهرين .
·       أن يكون المسح عليهما من الحدث الأصغر لا الأكبر-أي الجنابة- أو ما يوجب الغسل .
·       أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً وهو يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر .
(3)             توقيت المسح: يبدأ المسح من أول مسحة بعد الحدث وينتهي بعد أربع وعشرين ساعة للمقيم واثنتين وسبعين ساعة للمسافر لحديث على t : «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح (276). وإذا انتهت المدة وهو على طهارة لم تنتقض طهارته لكن يبطل مسحه. أنظر: " المسح على الجوربين والنعلين " للقاسمي بتصرف.
هذا ما تيسر لي إراده
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل