جديدالموقع

تذكير الأبرار برخص الأسفار/الحلقة الأولي






كتبه
أبو مريم أيمن بن دياب العابديني
غفر الله تعالى له ولوالديه

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،،
     فيا أيها القارئ الكريم لما كان السفر قطعة من العذاب، وفيه من المشاق الشيء الكثير، كان من رحمة الله بعباده أن شرع لهم رخصاً يترخصون بها حال سفرهم، رفعا للعنت ودفعاً للحرج. والله عز وجل يقول :{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج/78] ويقول سبحانه: { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ } [المائدة/6] ، ومن قواعد الشريعة : " الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ " (القواعد الفقهية للسعدي ( ص 49- 50)) . ولما كان السفر قطعة من العذاب ؛ لقوله e: « السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ،وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ » (متفق عليه)، رتب الشارع ما رتب من الرخص، حتى ولو فُرِض خلوُّه عن المشاق؛ لأن الأحكام تعلَّق بعللها العامة، وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد، فالحكم الفرد يُلحق بالأعم، ولا يفرد بالحكم، وهذا معنى قول الفقهاء-رحمهم الله- : " النَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ " "المنثور في القواعد"(3/361)، يعني لا ينقص القاعدة ولا يخالف حكمه حكمها ، فهذا أصل يجب اعتباره .
      وهاهنا جمعت جملة من الرخص المتعلقة بالسفر والتي يحتاج أن يعرفها المسافر. فأعظم رخص السفر وأكثرها حاجة ما يلي :
(1) قصر الصلاة الرباعية : بحيث تصلى ركعتين قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً}(النساء:101)، وعن يعلي بن أُمَيَّةَ قال : قلت لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ t:{ فليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إن خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ . فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ. فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ e عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: « صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ ».(رواه مسلم ح (1605))، ولذلك ليس للقصر من الأسباب غير السفر؛ ولهذا أضيف السفر إلى القصر لاختصاصه به، فتقصر الرباعية من أربع إلى ركعتين .
قال الإمام بدر الدين العيني-رحمه الله-: (ذهب علماء أكثر السلف وفقهاء الأمصار إلى أن القصر واجب ( أي: في السفر)، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس y روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة، وقال حماد بن أبي سليمان: يعيد من صلى في السفر أربعا. وعن مالك يعيد ما دام في الوقت وقال أحمد: السنة ركعتان. وقال الخطابي: والأولى أن يقصر المسافر الصلاة لأنهم أجمعوا على جوازها إذا قصر واختلفوا فيما إذا أتم والإجماع مقدم على الاختلاف). "عمدة القاري" (6/154).
(2)  الجمع بين الصلاتين: بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهم، والجمع أوسع من القصر، ولهذا له أسباب أُخر غير السفر : كالمرض، والاستحاضة، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ونحوها من الحاجات، والقصر أفضل من الإتمام، بل يكره الإتمام لغير سبب، وأما الجمع في السفر فالأفضل تركه إلا عند الحاجة إليه، أو إدراك الجماعة، فإذا اقترن به مصلحة جاز.  (مجموع فتاوى ابن عثيمين (23/16)).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما – قَالَ: « رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِى السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ ».(متفق عليه). 
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللهِ e إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ ».(متفق عليه). 
(3) الفطر في رمضان : قال تعالى: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة:184) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما – قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e فِى سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلاً قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ « مَا لَهُ؟ ». قَالُوا رَجُلٌ صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:« لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِى السَّفَرِ ».رواه مسلم، وفي رواية صحيحة عند النسائي:« عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِى رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا » "إرواء الغليل "(4/56).
وقد أجمع العلماء أنه يجوز للمسافر الفطر، واختلفوا فيما لو صام، والراجح للأدلة الصحيحة أن يفعل الأيسر له أي: إذا كان يشق عليه الصيام فالفطر أولى، وإذا كان الفطر والصيام سواء، فالصيام أولى." الشرح الممتع بتصرف "(6/207).

(4) صلاة النافلة على الراحلة أو وسيلة النقل: اتّفق الفقهاء على جواز التّنفّل على الرّاحلة في السّفر لجهة سفره، ولو لغير القبلة، ولو بلا عذرٍ، فيجوز للمسافر أن يصلي النافلة على المركوب من راحلة، وطائرة، وسيارة، وسفينة وغيرها من وسائل النقل، أما الفريضة فلابد من النزول لها إلا عند العجز لحديث ابْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما- قَالَ: « كَانَ النَّبِىُّ e يُصَلِّى فِى السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ ، يُومِئُ إِيمَاءً ، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الْفَرَائِضَ ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ ». (متفق عليه).
قال العلاَّمة ابن عثيمين-رحمه الله-: (حديث عبد الله بن عمر الدال على أن المتنفل في السفر لا يلزمه استقبال القبلة مسافرا على راحلته أو بعير أو سيارة أو أي شيء يريد أن يتنفل وهو مسافر فلا بأس يتنفل ولو كان وجهه إلى غير القبلة لأن النبي e كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به وفي هذا الحديث دليل على أن المسافر يتنفل وأما قول بعض الجهال - من السنة في السفر ترك السنة - فهذه كلمة باطلة لا اصل لها بل - من السنة فعل السنة -  إلا ما استثنى والذي دلت السنة على استثنائه وهو أنه لا يصلي راتبة الظهر والمغرب والعشاء هذه الثلاث السنة في السفر ألا تصليها وما عدا ذلك فصله صل كل شيء تهجد بالليل، وصل الضحى، وتحية المسجد، والاستخارة، وكل شيء والخسوف، وسنة الوضوء السفر والحضر سواء، إلا في هذه الثلاث فالسنة عدمها، ولكن لو كان مسافر في المسجد الحرام ينتظر صلاة الظهر أراد أن ينتفل تنفلا غير راتب؟ نقول لا بأس صل ما دام غير راتب صل ما شئت لأنه ليس هناك نهي وليس هناك أفضلية في ترك المستحبات. وفي ذلك دليل على أن الإنسان إذا صلى على راحلته في السفر فإنه يومئ لأنه لا يمكن السجود يومئ بالركوع والسجود ويجعل السجود اخفض من الركوع ولكن لا نشير على سائق السيارة أن يتنفل لأن هذا بين أمرين إما أن يشغل قلبه بمراقبة الطريق وإما أن يشغل قلبه بالنافلة ). "الشرح المختصر على بلوغ المرام  بتصرف"(3/38). 
وعَنْ سَعِيدِ بن يَسَارٍ قَالَ: « كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ سَعِيدٌ فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِى رَسُولِ اللَّهِ e أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ . قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ». رواه البخاري  ومسلم .
(5) التنفل للماشي: يجوز للإنسان المسافر إذا كان يمشي على قدميه؛ أن يكون اتِّجاهُه حيث كان وجهه في صلاة النَّفل، ويسقط عنه استقبال القبلة، ويستحب استقبال القبلة عند الافتتاح فقط؛ لأن الافتتاح مدَّتُه وجيزة والانحراف إلى القِبْلة فيه سهل فلا يضرُّه. (بلوغ المرام تحت رقم (228)).
(6) ترك السنن الرواتب عدا سنة الفجر والوتر: وهذه المسألة مما اختلف العلماء فيها؛ فذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يستحب أداء النوافل في السفر؛ لأنها مكملاتٌ للفرائض، ولمداومته e على فعلها في جميع أحواله وأسفاره، وصلاته لها أحياناً راكباً، ومن ذلك صلاته الضحى يوم الفتح، وصلاته سنة الفجر ليلة التعريس، ولعموم الأحاديث الواردة في الحث على فعل الرواتب عموماً، والأمر بعد ذلك متروكٌ للمكلف وهمته وورعه.
قال الحنابلة: يكره ترك السنن الرواتب إلا في السفر فيخير بين فعلها وتركها إلا الفجر والوتر فيفعلان في السفر كالحضر لتأكدهما. (الموسوعة الفقهية 25/283-284).
ولكن القول بأن للمسافر ترك السنن الرواتب في السفر عدا سنة الفجر والوتر هو ما جاءت به النصوص الصحيحة؛ فعن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: « صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ . قَالَ : فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ. حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ. وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ. فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيْثُ صَلَّى. فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا. فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ. قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لأَتْمَمْتُ صَلاَتِى. يَا ابْنَ أَخِى! إِنِّى صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ e فِى السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )».(رواه مسلم ح1611).
قال الإمام النووي-رحمه الله-: وَقَوْله : ( وَلَوْ كُنْت مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْت ) مَعْنَاهُ : لَوْ اِخْتَرْت التَّنَفُّل لَكَانَ إِتْمَام فَرِيضَتِي أَرْبَعًا أَحَبّ إِلَيَّ، وَلَكِنِّي لَا أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا، بَلْ السُّنَّة الْقَصْر وَتَرْك التَّنَفُّل، وَمُرَاده النَّافِلَة الرَّاتِبَة مَعَ الْفَرَائِض. وَأَمَّا النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فَقَدْ كَانَ اِبْن عُمَر يَفْعَلهَا فِي السَّفَر، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ e أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلهَا، كَمَا ثَبَتَ فِي مَوَاضِع مِنْ الصَّحِيح عَنْهُ. وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فِي السَّفَر . "شرح النووي " (2/ 498).
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- : " وكان تعاهده e ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، ولم يكن يدعها هي والوتر سفرا ولا حضرا . . . ولم ينقل عنه في السفر أنه e صلى سنة راتبة غيرهما ""زاد المعاد" (1/315).
(7) زيادة مدة المسح على الخفين : ثلاثة أيام بلياليها؛ لحديث علي بن أبي طالب t قال : « جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ e ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ » (رواه مسلم  ح 276)، وأما التيمم فليس سببه السفر ، وإن كان الغالب أن الحاجة إليه في السفر أكثر منه في الحضر، وكذلك أكل الميتة للمضطر عام في السفر والحضر، ولكن في الغالب وجود الضرورة في السفر.
(8) سقوط الجمعة على المسافر: لأن من شروط وجوب الجمعة الإقامة، والمسافر ليس مقيماً، ولم يكن من هدي النبي e أن يصلي الجمعة في سفره قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "ليس للمسافر جمعة"( رواه عبد الرزاق (3/172)، وحكاه ابن عبد البر إجماعاً كما في الاستذكار (2/36)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: " وَلَا صَلَّى بِهِمْ- يعني النبي e- فِي أَسْفَارِهِ صَلَاةَ جُمْعَةٍ يَخْطُبُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَلْ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمْعَةِ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ . وَكَذَلِكَ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاتِهِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فِي السَّفَرِ لَا بِعَرَفَةَ وَلَا بِغَيْرِهَا وَلَا أَنَّهُ خَطَبَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فِي السَّفَرِ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَجَمَاهِيرُهَا مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبِعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُصَلِّي جُمْعَةً " أهـ. مجموع الفتاوى (17/480).
وقال الإمام الشوكاني-رحمه الله-: "واختلف في المسافر: هل تجب عليه الجمعة إذا كان نازلاً أم لا؟ فقال الفقهاء وزيد بن علي والباقر والإمام يحي: أنها لا تجب عليه ولو كان نازلاً وقت إقامتها"" نيل الأوطار" (3/258).

تنبيه:
قال العلامة ابن عثيمين-رحمه الله-: (فإن صلى المسافر الجمعة مع الإمام فإنه لا يجمع معها العصر؛ لأن العصر إنما تُجمع مع الظهر لا الجمعة، والجمعة صلاة مستقلة لها أحكام خاصة، فهي صلاة جهرية بينما صلاة الظهر سرية، وهي ركعتان فيما صلاة الظهر أربعاً، وقبلها خطبتان والظهر لا خطبة قبلها، ووقتها يبدأ قبل الزوال بخلاف الظهر فلا يدخل وقتها إلا بعد الزوال، وغير ذلك من الفروق) (انظر الشرح الممتع 4/582).
هذا آخر ما وفق الله-تعالى- إليه، في إحياء هذه الرخص المهجورة.....
والله الموفق وهو من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
















الحلقة الثانية
تذكير
الأبرار ببعض سنن الأسفار
كتبه
أبو مريم أيمن بن دياب العابديني
غفر الله تعالى له ولوالديه


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،،
     فيا أيها القارئ الكريم تكلمت في العدد السابق تذكيراً للمسافر ببعض رخص السفر التي أصبحت في زماننا نسياً منسياً زعماً لاختلاف وسائل السفر التي ترفع المشقة والحرج عن المسافرين.
     وفي هذا العدد نتكلم عن بعض سنن السفر التي أصبحت في طي المهجورات، تذكيراً للناسى، وإيقاظاً للساهى، وتبشيراً للقائم بها لعظيم الأجر والثواب المترتب عليها وإليكموها:
(1) أن يودع أهله، وأقاربه، وأهل العلم : من جيرانه، وأصحابه، قال e: « من أراد سفرا فليقل لمن يخلِّف : أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ الَّذِى لاَ تَضِيعُ وَدَائِعُهُ » (الصحيحة ح 16)، وكان النبي e يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول : « أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ ». (صحيح أبي داود  ح 2600)، وكان e يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين:« زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ ، وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ » (صحيح الترمذي ح 3444). وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ e يُرِيدُ سَفَراً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِى، قَالَ: « أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ النَّبِىُّ e : اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ » (صحيح الترمذي ح 3445) .
 (2) أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه : « بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ»( صحيح أبي داود ح  5095)اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ،أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَىَّ »( صحيح أبي داود ح  5094).
(3) أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار : وذلك لفعله e. قال كعب بن مالك t: « لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ » (أخرجه البخاري ح 2948)، ودعا لأمته e بالبركة في أول النهار فقال : « اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِى فِي بُكُورِهَا » (صحيح أبي داود ح 2606) .
(4) أن يخرج للسفر في الليل: لقوله e: « عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ (أي :السير بالليل) فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ » (الصحيحة ح 681) .

(5) أن لا يسافر وحده بلا رفقة : لقوله e: « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ » (أخرجه البخاري ح2998)، وقال e: « الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ » (الصحيحة ح 62) .
(6) أن لا يصطحب معه الجرس والمزامير والكلب في السفر: لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ  t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ: « لاَ تَصْحَبُ الْمَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلاَ جَرَسٌ »( أخرجه مسلم ح 2113)، وعنه t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ: « الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ » (أخرجه مسلم ح 2114).
قال الإمام النووي-رحمه الله-:(أَمَّا فِقْه الْحَدِيث فَفِيهِ كَرَاهَة اِسْتِصْحَاب الْكَلْب وَالْجَرَس فِي الْأَسْفَار، وَأَنَّ الْمَلَائِكَة لَا تَصْحَب رُفْقَة فِيهَا أَحَدهمَا، وَالْمُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَالِاسْتِغْفَار، لَا الْحَفَظَة) شرح النووي (7/ 224).

(7) أن يدعو بدعاء السفر : إذا ركب دابته، أو سيارته، أو الطائرة، أو غيرها من المركوبات فيقول : « الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }{ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِى سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِى الأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِى الْمَالِ وَالأَهْلِ ». وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ « آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ ». (أخرجه مسلم ح 1342) .
(8) يؤمّر المسافرون أحدهم : ليكون أجمع لشملهم، وأدعى لاتفاقهم، وأقوى لتحصيل غرضهم، قال e: « إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ فِى سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ »(الصحيحة ح 1322).
(9) أن يكبّر على المرتفعات ويسبّح إذا هبط المنخفضات والأودية: قال جابرt: « كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا » (أخرجه البخاري ح 2993)، ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير قال e: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ » (أخرجه البخاري ح 2992) .
ج
 (10) إذا نزل منزلا في السفر أن يدعو بما ثبت عنه e: لقوله e: « إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَىْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ » (أخرجه مسلم ح 2709) .
(11) إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض : فقد كان بعض أصحاب النبي e إذا نزلوا منزلا تَفَرَّقُوا فِى الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ فَقَالَ e: « إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِى هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ ». قال أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ t فَلَمْ يَنْزِلْ e بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلاً إِلاَّ انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى يُقَالُ لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَمَّهُمْ. ( صحيح أبي داود ح  2628).

 (12) أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة إذا رآها: وذلك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e، لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا، إِلا قَالَ حِينَ يَرَاهَا: « اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، إِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا » (حسن : تحفة الأخيار ص 37) .
 (13) أن يكثر من الدعاء في السفر : فإنه حريٌّ بأن تجاب دعوته، ويُعطى مسألته؛ لقوله e: « ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ».(صحيح الترمذي ح 1905).
(14) أن يعين الضعيف، والرفيق في السفر : ويكون ذلك بالنفس، والمال، والجاه، ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه، فعن أبي سعيد t أنهم كانوا مع رسول الله e في سفر فقال:« مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ ». قَالَ فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ.( أخرجه مسلم ح 1728)، وعن جابر t قال:« كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَتَخَلَّفُ فِى الْمَسِيرِ فَيُزْجِى الضَّعِيفَ (أي: يسوقه ويدفعه حتى يلحق بالرفاق) وَيُرْدِفُ ، وَيَدْعُو لَهُمْ »(الصحيحة ح 2120)، وهذا يدل على رأفته e وحرصه على مصالحهم؛ ليقتدي به المسلمون عامة، والمسؤولون خاصة .
(15) أن يتعجل في العودة ولا يطيل المكث في السفر لغير حاجة: لقوله e: « السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ » (متفق عليه).
(16) أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي e: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ ، ثُمَّ يَقُولُ :« لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ » (متفق عليه).
(17) إذا رأى بلدته أن يقول:« آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ ». ويردد ذلك حتى يدخل بلدته؛ لفعله e. وذلك لحديث أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِىِّ e أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ. وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ: « آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.( أخرجه مسلم ح 1342).
(18) لا يقدم على أهله ليلا إذا أطال الغيبة لغير حاجة: إلا إذا بلَّغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه ليلا؛ لنهيه e عن ذلك، عَنْ جَابِرٍ t قَالَ: « نَهَى النَّبِىُّ e أَنْ يَطْرُقَ (أي: لا يدخل عليهم ليلا إذا قدم من سفر ) أَهْلَهُ لَيْلاً »(البخاري ح 1801، ومسلم ح 1928)، ومن الحكمة في ذلك ما فسرته الرواية الأخرى « حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغَيَّبَةُ »، وفي أخرى:« نَهَى رَسُولُ اللَّهِ e أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ » (أخرجه مسلم ح 1928) .
(19) يستحب للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد: الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين ؛ لفعله e فإنه :« كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ » (متفق عليه).
(20) جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر: لفعل النبي e، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ tأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً » . زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَارِبٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ:« اشْتَرَى مِنِّى النَّبِىُّ e بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا(أي: موضع بالمدينة) أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا » . . . (البخاري ح 3089، ومسلم ح 715)، وهذا الطعام يقال له: (النقيعة) وهي طعام يتخذه القادم من السفر (النهاية 5/109)، وهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر وهو مستحب عند السلف (الفتح 6/194) .
هذا آخر ما وفق الله-تعالى- إليه، في إحياء هذه السنن المهجورة.....
والله الموفق وهو من وراء القصد وهو يهدى السبيل.


كتبه
أبو مريم أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غفر الله تعالى له ولوالديه
انتهاء في مساء يوم الاثنين  الموافق 24/من صفر/1431هـ
8/من فبراير /2010م