جديدالموقع

إرشاد الساجد لإتخاذ من البيوت مساجد










كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب العابديني
غفر الله تعالى له ولوالديه

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد،،،،،
فيا أيها القارئ الكريم في هذا العدد سنتكلم عن سنة من السنن المهجورة ألا وهي سنة مساجد البيوت، فإن البيوت من أكبر النعم الإلهية، والعطايا الربانية التي امتن بها على البشرية، تسكنُ إليها نفوسهم، وتطمئنُّ إليها قلوبهم، قال تعالى:

(والله جعل لكم من بيوتكم سكنا)[النحل:80]، وإن من شكر هذه النعمة الكبرى أن يُطاع الله فيها ولا يُعصى، ويُذكرَ ولا يُنسى، كما هو حال أسلافنا، لما كانت الآخرةُ أكبرَ همّهم ، وأكثرَ ما يَشْغَلُ بالهم، اتخذوا في بيوتهم المتواضعة غرفاً خاصة للسنن والنوافل، يبيتون فيها لربهم سُجداً وقياماً، يرجون رحمته ويخافون عذابه!( من مقدمة " مساجد البيوت ")

   لذا حفلت دواوين السنة النبوية ببيان أحكام مساجد البيوت هذه السنة المهجورة! إليكموها: 
أولاً: تعريفها:
هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ لِصَّلَاةِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ، وقراءةِ القرآنِ وذكر الله، وغير ذلك من وجوه الطاعات وأنواع القربات (انظر: بدائع الصنائع (5/126)).
ثانياً: مشروعيتها:
     أدلة مشروعية اتخاذ مسجد في البيت من الكثرة بمكان، في الكتاب والسنة وأفعال سلف الأمة الصالح y ذكرها أهلُ العلم في مصنفات الفقه وتواليف السنة.
(1) في الكتاب: قال تعالى:{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }[يونس/87].
     قال مجاهد-رحمه الله-: خاف موسى u ومَنْ معه من فرعون أن يصلوا في الكنائس الجامعة، فأُمروا بأن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة، يصلون فيها سرًّا (تفسير البغوي (607)).
     وقال الحافظ ابن كثير-رحمه الله-:(وكأن هذا -والله أعلم -لما اشتد بهم البلاء من قبَل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ }[البقرة: 156]. وفي الحديث:" كَانَ النَّبِيُّ e إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى". ((حسن) ح(4703) في "صحيح الجامع") ولهذا قال تعالى في هذه الآية:{وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }أي: بالثواب والنصر القريب(تفسير ابن كثير (2/580)).
(2) في السنة: عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها- قَالَتْ:((أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ e بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ)) " صحيح الترغيب والترهيب " ح(279).
     وعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ t وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ e مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ e فَقَالَ:" يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ e: (سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ).
     قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ e وَأَبُو بَكْرٍ t حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ t فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ: (أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟).
      قَالَ: فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ e فَكَبَّرَ فَقُمْنَا فَصَفَّنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ"( متفق عليه).
(3) عند السلف الصالح: كان السلف الصالح y قمةً سامقةً في العبادة والتأله والإقبال على الله، لهذا اتخذوا المساجد في بيوتهم، تعينهم على التقرب إلي الله زلفى ومن ذلك:
     عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ t قَالَ:((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ U غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ U شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى، وَمَا مِنْكُمْ إِلَّا وَلَهُ مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ))(أخرجه أحمد واللفظ له، ومسلم ).  
ثالثاً: هيئتها: لمسجد البيت صورتان، كما سيتجلى بوضوح من خلال النصوص والآثار:
الأولى: غرفة خاصة في البيت: لحديثِ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةَ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ e فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ! قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي! وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي!
قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ! فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. (حسن: " صحيح ابن خزيمة " ح(1689)).
الثانية: موضع خاص في ناحية من غرفة من غرف البيت: إذا لم يتيسر للمسلم أن يتخذ من غرف بيته غرفة خاصة بالصلاة والنوافل، فلا بأس أن يحدد لذلك الغرض ناحية أو زاوية من غرفة مناسبة، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t:((أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e أَنْ تَعَالَ فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا فِي دَارِي أُصَلِّي فِيهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا عَمِيَ فَجَاءَ فَفَعَلَ))( صحيح: رواه ابن ماجة ح(755) ، والحديث أصله في الصحيحين).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ:((صَنَعَ بَعْضُ عُمُومَتِي لِلنَّبِيِّ e طَعَامًا، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ e: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي وَتُصَلِّيَ فِيهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ وَفِي الْبَيْتِ فَحْلٌ مِنْ هَذِهِ الْفُحُولِ([1])، فَأَمَرَ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ، فَكُنِسَ وَرُشَّ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ))( " صحيح سنن ابن ماجة " ح(756)).
رابعاً: فضلها: المساجد في البيوت من أكبر الوسائل المحفزة على فعل الخيرات، وترك المنكرات، والمذكرة بعمل   القربات من التطوع بالرواتب والنوافل والسنن والأذكار وقراءة القرآن.
مساجد البيوت حياة : عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ e :(( مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ))( متفق عليه).
خير وبركة: عَنْ جَابِرٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :((إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا))( رواه مسلم ح(778)).
تُكثِّر الحسنات: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ t أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ))( متفق عليه واللفظ لمسلم).
تَزيد في الدرجات: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ t قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ e أَيُّمَا أَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتِي أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ:((أَلَا تَرَى إِلَى بَيْتِي مَا أَقْرَبَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً))( " صحيح سنن ابن ماجة " ح(1378)).
لا تجعل البيوت قبور: عَنْ ابْنِ عُمَرَ t عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ:(( اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا))( متفق عليه)( نقلاً بواسطة " مساجد البيوت " (صـ21ـ23)).
خامساً: حكم مساجد البيوت: من الأدلة السابقة وغيرها مما سيأتي يتضح حكم الندب والاستحباب للرجال والنساء جميعاً أن يتخذوا المساجد في الشقق والبيوت.
جاء في "حاشية ابن عابدين" (1/657): ((مَسْجِدِ الْبَيْتِ: أَيْ مَوْضِعِ أُعِدَّ لِلسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ، بِأَنْ يُتَّخَذَ لَهُ مِحْرَابٌ وَيُنَظَّفُ وَيُطَيَّبُ كَمَا أَمَرَ بِهِ e فَهَذَا مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)).
وجاء في موضع آخر (2/441): ((وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلرَّجُلِ أَيْضًا أَنْ يُخَصِّصَ مَوْضِعًا مِنْ بَيْتِهِ لِصَلَاتِهِ النَّافِلَةِ أَمَّا الْفَرِيضَةُ وَالِاعْتِكَافُ فَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا لَا يَخْفَى)).
وللحديث بقية في العدد القادم بمشيئة الله تعالى.
















الحلقة الثانية

ج
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد،،،،،
     فيا أيها القارئ الكريم تكلمنا في العدد الماضي عن بعض الأحكام المتعلقة بمساجد البيوت هذه السنة المهجورة، من مشروعيتها، وهيئتها، وفضليها، وحكمها، وفي هذا العدد نستكمل سويا بقية الأحكام.
سادساً: الأحكام المتعلقة بمساجد البيوت:
(1) هل لها تحية مسجد: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ t صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ:((دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ e جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ قَالَ: فَجَلَسْتُ.
 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:" مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟
 قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ.
 قَالَ: فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ))( متفق عليه).
قلت: (أل) في لفظ المسجد في الحديث السابق والأحاديث الأخرى الآمرة بتحية المسجد للاستغراق، ومن ثَّم فالنص يتناول المساجد كلها الجمعة وغيرها.
وَهَلْ يَتَنَاوَلُ مَسَاجِدَ الْبُيُوتِ أَوْ قَاصِرٌ عَلَى الْمَسَاجِدِ الْعَامةِ ؟
قال صاحب " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/511):(( الْمُتَبَادَرُ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْعُمُومُ لِتَسْمِيَةِ الْجَمِيعِ مَسَاجِدَ)).
قلت: بَيْدَ أن مساجد البيوت ليس لها حكم المساجد العامة التي فرض الله أن ترفع، وشرع لها أحكاماً خاصة، فالراحج أنها بمنأى عن الأحاديث الآمرة بتحية المسجد، لأنها لا يطلق عليها اسم المسجد عرفا ، حيث يجوز بيعها هذا ما ذهب إليه الجمهور ورجحه الإمام ابن حزم-رحمه الله (" المحلى " (5/196)).
(2) الصلاة فيها عند الدخول والخروج من البيت: يندب للمسلم أن يصلي ركعتين عند الخروج من البيت، وركعتين عند دخوله، ولا بأس أن يجعلهما في مسجد بيته(انظر: الإقناع (1/118)).
عن أبي هريرة t عن النبي e قال:« إذا خرجت من منزلك إلى الصلاة فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء ، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء »("صحيح الجامع" ح (505)).
وعن امرأة عبد الله بن رواحة-رضي الله عنها-أن عبد الله بن رواحة t كان له مسجدان:((مسجد في بيته،ومسجد في داره،إذا أراد أن يخرج صلى في المسجد الذي في بيته، وإذا دخل صلى في المسجد الذي في داره، وكان حيثما أدركته الصلاة أناخ (مصنف ابن أبي شيبة (34718)).
(3)صلاة الرواتب والسنن والتطوع فيها: يستحب للمسلم أن يصلي السنة الراتبة قبل وبعد الصلوات المفروضة في مسجد البيت، وكذا سنة الجمعة البعدية، وصلاة الاستخارة، وسنة الوضوء، والضحى، والتوبة، والتسابيح، وقيام الليل، والتراويح، والوتر قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:(( كَانَ هَدْيُ النّبِيّ e فِعْلَ السّنَنِ وَالتّطَوّعَ فِي الْبَيْتِ إلّا لِعَارِضٍ كَمَا أَنّ هَدْيَهُ كَانَ فِعْلَ الْفَرَائِضِ فِي الْمَسْجِدِ إلّا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمّا يَمْنَعُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ ))( زاد المعاد (1/298)).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ-رضي الله عنها- عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ e عَنْ تَطَوُّعِهِ فَقَالَتْ:((كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ))( رواه مسلم ح(730)).                                                         
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ t قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ e أَيُّمَا أَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتِي أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ:((أَلَا تَرَى إِلَى بَيْتِي مَا أَقْرَبَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً))( " صحيح سنن ابن ماجة " ح(1378)).
(4) صلاة الرواتب الفائتة فيها: عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ y أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ-رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ e فَقَالُوا:((اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقُلْ: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e نَهَى عَنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ t وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t النَّاسَ عَلَيْهَا.قَالَ كُرَيْبٌ-رحمه الله- فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي بِهِ فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ.
فَقَالَتْ: أُمُّ سَلَمَةَ-رضي الله عنها- سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَنْهَى عَنْهُمَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا.
أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَصَلَّاهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا؟ فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ.
قَالَ: فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:((يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ))( متفق عليه واللفظ لمسلم).
(5)صلاة النوافل جماعة بالأهل فيها: يشرع للمسلم أن يصلي في مسجد بيته النوافل جماعة دون أن يتخذ ذلك عادة لا تتخلف، بل إن ذلك يستحب، وفي ذلك فوائد تربوية وتعليمية لا تخفى!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:(( والاجتماع على صلاة النفل أحياناً مما تستحب فيه الجماعة إذا لم يتخذ راتبة، وكذا إذا كان لمصلحة مثل ألا يحسن أن يصلي وحده، أو لا ينشط وحده، فالجماعة أفضل إذا لم تتخذ راتبة، وفعلها في البيت أفضل إلا لمصلحة راجحة))( مختصر الفتاوى المصرية (81)).
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ:((صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ e وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا))( أخرجه البخاري ح(727)).
وقال الإمام البخاري-رحمه الله-: ((بَاب الْمَسَاجِدِ فِي الْبُيُوتِ وَصَلَّى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ t فِي مَسْجِدِهِ فِي دَارِهِ جَمَاعَةً)).
وقال-رحمه الله-:((بَاب صَلَاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً ذَكَرَهُ أَنَسٌ وَعَائِشَةُ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ e )).
(6)ذكر الله فيها: من أعظم مقاصد تشييد المساجد في البيوت عمارتها بذكر الله تعالى من التهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار والحوقلة، وهكذا كان السلف يكثرون من ذكر الله في مساجد البيوت!
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t عَنْ جُوَيْرِيَةَ-رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ e خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ:(( مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا قَالَتْ:" نَعَمْ " قَالَ: النَّبِيُّ e لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))( أخرجه مسلم ح(2726)).
(7) جواز الأكل فيها: لا بأس بالأكل في مسجد البيت، وفي غيره من المساجد، إذ الأصل الإباحة، ولم يأت عن صاحب الشريعة ما يمنع من ذلك، بل كان أهل الصفة يسكنون مسجده e ويأكلون فيه ويشربون.
(8)جلوس الحائض والجنب فيها: إن لُبُث أو جلوس الحائض في مسجد الجماعة، اختلف فيه الفقهاء فمنع منه الجمهور، وأجازه الإمام ابن حزم-رحمه الله- بأدلة قوية.
أما مسجد البيت، فمنعَ الحائضَ من دخوله بعضُ الأئمة، فروى عبد الرزاق في مصنفه، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الحائض تمر في المسجد ؟
قال : لا .
قلت : أتدخل مسجدها في البيت ؟
قال : لا ، لتعتزله .
قلت ، دخلت فترشه بالماء ؟
قال : لا.( مصنف عبد الرزاق: (1628)).
قلت: والحق الصراح أن المرأة يجوز لها أن تدخل مسجد بيتها في إبان حيضتها، ذلك أن مسجد البيت ليس له أحكام المساجد العامة كما أوضحناه آنفا.
قال صاحب الروض المربع (1/242): (( مسجد بيتها: هو الموضع الذي تتخذه لصلاتها في بيتها.. ليس بمسجد حقيقة ولا حكماً؛ لجواز لبثها فيه حائضاً وجنباً(انظر "المبسوط" (3/119) بواسطة " مساجد البيوت " (صـ75))).
(9) جواز النوم فيها: عَنْ ابْنِ عُمَرَ t:((أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ e ))( أخرجه البخاري ح(440)).
(10) جواز اللعب فيها: يجوز اللعب المباح في مسجد البيت،ودليل ذلك لعب الحبشة في مسجد النبي e،عَنْ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:((رَأَيْتُ النَّبِيَّ e يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ))( متفق عليه).
(11) جواز الضحك والكلام فيها: لا حرج على المسلم أن يتكلم في كل المساجد بالمباح من القول من أمور الحياة الدنيا، بل لا حرج عليه أن يضحك مما يقال!
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ:قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ t أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ e؟
 قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، ((كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوْ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ))( أخرجه مسلم ح(670)).
(12) دخول من أكل ثوماً أو بصلاً فيها؟ يجوز لمن أكل ثوماً أو بصلاً أن يدخل مسجد البيت، ذلك أن مسجد البيت ليس له أحكام المساجد العامة كما بينا آنفا .
(13) الاعتكاف فيها:قال تعالى:{ Ÿwur  ÆèdrçŽÅ³»t7è? óOçFRr&ur tbqàÿÅ3»tã Îû ÏÉf»|¡yJø9$# 3} [البقرة:187]، قال جمهور أهل العلم أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد العامة.
يؤكد ذلك قول الإمام ابن حزم-رحمه الله-:((لا يجوز للمرأة ولا للرجل أن يعتكفا أو أحدهما في مسجد داره، برهان ذلك قول الله تعالى: (óOçFRr&ur tbqàÿÅ3»tã Îû ÏÉf»|¡yJø9$#) فعم تعالى   ولم يخص .
فإن قيل: قد صح عن رسول الله e :(جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) .قلنا: نعم بمعنى أنه تجوز الصلاة فيه، وإلا فقد جاء النص والإجماع بأن البول والغائط جائز فيما عدا المسجد، فصح أنه ليس لما عدا المسجد حكم المسجد...فصح أن لا اعتكاف إلا في مسجد))( المحلى (5/193)).
وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-:((وَوَجَه الدَّلَالَة مِنْ الْآيَة أَنَّهُ لَوْ صَحَّ فِي غَيْر الْمَسْجِد لَمْ يَخْتَصَّ تَحْرِيم الْمُبَاشَرَةِ بِهِ، لِأَنَّ الْجِمَاع مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ بِالْإِجْمَاعِ، فَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْمَسَاجِدِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُون إِلَّا فِيهَا))( فتح الباري (6/311)).
قلت: وما ذهب إليه الجمهور هو الراجح أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، كيف وقد قال ابن عباس t :(( إن أبغض الأمور إلي الله البدع، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور))(صححه الألباني في" قيام الليل" (صـ27)).
(14) جواز بيعها: ذكرنا قبلاً أن مساجد البيوت ليس لها أحكام المساجد العامة، كما أن صلاة السنن والنوافل في مسجد البيت لا تصيره وقفاً لله يحرم بيعه، ومن ثَمَّ فيجوز للمسلم بيع منزله بما يشتمل عليه من غرفة اتخذها مسجداً(انظر " المبسوط " (3/119). بواسطة " مساجد البيوت " (صـ84 ، 85)).                        
(15) قال الإمام الطحاوي-رحمه الله-:(( التي يتخذها الناس في بيوتهم ليصلوا فيها لا ليدخلوا إليها أحدا من الناس ؛ فأملاكهم غير مرتفعة عنها عند جميع أهل العلم ولا يكون وقوع اسم المساجد عليها مما يرفع أملاكهم عنها ولا مما يبيح لغيرهم الدخول إليها ولا مما يمنع أن تكون موروثة عنهم إذا توفوا))( " مشكل الآثار " (6/298)).
(16) أحوال السلف الصالح y فيها: عن مالك الدار مولى عمر بن الخطاب t قال: دعاني عمر بن الخطاب t يوماً، فإذا عنده صرة فيها ذهب فيها أربعمائة دينار، فقال: اذهب بهذه إلى عبيدة بن الجراح t، فقل له: أرسل بهذه إليك أمير المؤمنين صله لك تعود بها على عيالك.
قال: فذهبت بها، فسلمت، فوجدته في مسجد بيته وهو يصلي فيه، فقلت له كما قال لي عمر، فقال: افتحها؛ ففتحت الصرة فوضعتها. فقال: ادع لي فلاناً وفلاناً ناساً من أهله، فطفق يرسلهم بها؛ اذهب بذا إلى فلان وفلان، حتى لم يبق في الصرة شيء، ثم رجعت إلى أمير المؤمنين، وقد كان أمرني أن أرجع إليه بما يصنع فيها.
قال: فأخبرته أنه لم يبق عنده منها دينار؛ ووجدت عنده صرة مثلها، فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل الأنصاري t، فقل له مثل ما قلت لصاحبه، وانظر ما يصنع بها.
قال: فجئته، فاستأذنت عليه، فوجدته يصلي في مسجد له في بيته، فقلت له: هذه أمر لك بها أمير المؤمنين. قال: وما هي؟ قلت: صلة تعود بها على عيالك وأهلك. قال: حلها، وضعها مكانها، ادع لي فلاناً وفلاناً، كما قال صاحبه، فلم يزل يرسل منها ويقسم حتى لم يبق في الصرة إلا دينارين، فقالت امرأته من وراء الستر في البيت: يا هذا - لزوجها - إنا مساكين، فتقسم للناس وتدعنا، والله ما لنا شيء. قال: فإن كان ليس لك شيء فهاك هذين الدينارين.
قال: فرجعت إلى عمر، فأخبرته ما رأيت؛ فقال له: والله الذي جعلهم هكذا، وجعل بعضهم من بعض(مختصر تاريخ دمشق : (1/3815). بواسطة " مساجد البيوت " (صـ96 ، 97)).
وقالت معاذة العدوية:( ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلي فراشه إلا حبوا، يقوم حتى يفتر في الصلاة )( حلية الأولياء : (6/130)).
وقال ابن شوذب:( كان مسلم بن يسار إذا دخل في صلاته في مسجد بيته قال لأهله تحدثوا فإني لست أسمع حديثكم)( مختصر تاريخ دمشق : (1/2299)).
هذا آخر ما وفق الله-تعالى- إليه، في إحياء هذه السنة المهجورة.....
والله الموفق وهو من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
انتهاء في
20/ من شوال /1429هـ
الموافق 20/ من أكتوبر /2008م



[1])) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ-رحمه الله-:(الْفَحْلُ هُوَ الْحَصِيرُ الَّذِي قَدْ اسْوَدَّ).