جديدالموقع

مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ




بِسْمِ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أجمَعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فلقد يسر الله لعباده سبل الخيرات، وفتح لهم أبواب الرحمات، وأنعم عليهم بمواسم البر واكتساب الأجور والمثوبات، ورتب الأجر الجزيل على الأعمال اليسيرات. تكرماً منه وفضلاً على عباده المؤمنين والمؤمنات؛ ليستدركوا ما فاتهم ويكفروا عن سيئاتهم، ومن مواسم الخيرات المكفرات شهر رمضان موسم من مواسم الطاعات فقال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]. ونحن في هذه الأيام المباركات علينا بالإسراع في الخيرات، ولو بالقليل الدائم من العبادات.
فَعَنْ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ:«أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»(1)، وفي لفظ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»(2)، وفي لفظ: أَنَّهَا قَالَتْ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» وَقَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ»(3).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ (4)»(5).
قَاَل العلَّامة عبد المحسن العباد-حفظه الله تعالى-: هذا في قيام الليل؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مَنْ قَامَ) أي: صلى وقرأ هذا المقدار من الآيات. 
وَقَوْلُهُ: (مِنَ الْقَانِتِينَ) كلمة القنوت تأتي بعدة تفسيرات، فتأتي بمعنى: السكوت، وبمعنى: طول القيام، وبمعنى: الدعاء، ويأتي بمعانٍ أخرى، وهنا يحتمل أن يكون المراد بالقانتين الذين يحصل منهم طول القيام في صلاة الليل، ويحتمل غير ذلك. 
قَوْلُهُ: [ (وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ) ] أي: الذين يحصلون على الأجر العظيم، والأجور الكبيرة الواسعة؛ لأن المقنطرين نسبة للقنطار، أو ما يزن القناطير أو يماثلها في كثرتها، وهذا كناية عن عظم الأجر والثواب.(6).
هذا والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
كَتَبَهُ
أَبُو مَرْيَمَ أَيْمَنِ بْنِ دِيَابٍ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْعَابِدِينِي 
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ

__________
(1) (خ) 6465 ، (م) 782.
(2) (خ) 6464 ، (م) 2818.
(3) (خ) 6465.
(4) أَيْ: كُتِبَ مِمَّنْ أُعْطِيَ أَجْرًا عَظِيمًا. عون المعبود (ج 3 / ص 335).
(5) (د) 1398 ، (حب) 2572 ، صَحِيح الْجَامِع: 6439، الصَّحِيحَة: 642.
(6) شرح سنن أبي داود ـ عبد المحسن العباد (7/ 498).