جديدالموقع

الانعام بصحة حديث الخلق في سبعة أيام






بِسْمِ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أجمَعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }[الرعد: 16]، قَالَ تَعَالَى:{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }[الزمر: 62]، فَكُلُّ مَا سِوَاهُ تَعَالَى فَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ، مَرْبُوبٌ مُدَبَّرٌ، مُكَوَّنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، مُحْدَثٌ بَعْدَ عَدَمِهِ، فَالْعَرْشُ الَّذِي هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَامِدٍ وَنَاطِقٍ، الْجَمِيعُ خَلْقُهُ وَمِلْكُهُ وَعَبِيدُهُ وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَحْتَ تَصْرِيفِهِ وَمَشِيئَتِهِ.
{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[الحديد: 4]، وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ قَاطِبَةً لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مُسْلِمٌ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ الْحَكِيمُ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَهِيَ كَأَيَّامِنَا هَذِهِ، أَوْ كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ؟
عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْأَوَّلُ: الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا كَأَيَّامِنَا هَذِهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: أَوَّلُهَا الْأَحَدُ وَآخِرُهَا الْجُمُعَةُ( 1).
وَالثَّانِي: أَيْ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ سَنَةٍ، لِتَفْخِيمِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَالْيَوْمُ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَمْسٌ فَلَا يَوْمَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ: أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهَا كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. رَوَاهُنَّ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي رَدَّ فِيهِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالأَْوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( 2).
هذا والله تعالى من وراء القصد وهو يهدي السبيل
https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=163046
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد أخرج له مسلم في صحيحه كما علمت وإن لم يكن حده أن يحتج به في الصحيح . فمدار الشك في هذا الحديث على الاستنكار، وقد يجاب عنه بما يأتي:وما بينهما في ستة أيام، كما أخبر بذلك في كتابه، والأيام هي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق؛ لأنه اليوم السابع ومنه سمي السبت وهو القطع، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، فأما الحديث الذي رواه أبو هريرة -رَضِيَ الله عَنْهُ-، بلفظ:« خَلَقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (2789)، فقد أخرجه الإمام أحمد والنسائي ومسلم من غير وجه، وفيه استيعاب الأيام السبعة، وقد تكلم البخاري وغير واحد من أئمة الحديث على أن هذا الحديث من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، وليس مرفوعا إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنما وهم بعض الرواة في رفعه إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعلى ذلك فإن هذا الحديث الموقوف لا يقوى على معارضة الآيات والأحاديث الصحيحة المرفوعة، فلا يحتج به عليها، وبذلك يزول الإشكال ويتم الجمع بينهما.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ-رَحِمَهُ اللَّهُ- " فِي تَفْسِيرِهِ " (1/215) بَعْدَ ذِكْرِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ-، عِنْدَ مُسْلِمٍ: هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعا، وقد حرر ذلك البيهقي.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ-رَحِمَهُ اللَّهُ-: وَفِي أَوَّلِ الْأَيَّامِ يُقَالُ: يَوْمُ الْأَحَدِ . فَإِنَّ فِيهِ - عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ - ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ . وَمَا بَيْنَهُمَا. كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ : أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: أَنَّ آخِرَ الْمَخْلُوقَاتِ كَانَ آدَمَ خُلِقَ يَوْم الْجُمُعَةِ . وَإِذَا كَانَ آخِرُ الْخَلْقِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ كَانَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِأَنَّهَا سِتَّةٌ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي قَوْلِهِ:{ خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ } فَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ قَدَحَ فِيهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى كَعْبٍ وَقَدْ ذَكَرَ تَعْلِيلَهُ البيهقي أَيْضًا وَبَيَّنُوا أَنَّهُ غَلَطٌ لَيْسَ مِمَّا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِمَّا أَنْكَرَ الْحُذَّاقُ عَلَى مُسْلِمٍ إخْرَاجَهُ إيَّاهُ. انْظُرْ: "مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى"(17/ 235 ، 236).ط. الملك فهد.
قَالَ الْعَلاَّمَةُ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كتابه "الأنوار الكاشفة" (188-191).ط. عالم الكتب: (( أقول: هذا الخبر رواه جماعة عن ابن جريج قال (( أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: أخذ.. ... )) وفي الأسماء والصفات للبيهقي (ص 176) عن ابن المديني وهشام بن يوسف ورواه عن ابن جريج وقدا ستنكر بعض أهل الحديث هذا الخبر، ويمكن تفصيل سببب الاستنكار بأوجه:
الأول: أنه لم يذكر خلق السماء، وجعل خلق الأرض في ستة أيام.
الثاني: أنه جعل الخلق في سبعة أيام والقرآن يبين أن خلق السموات والأرض كان في ستة أيام، أربعة منها للأرض ويومان للسماء.
الثالث: أنه مخالف للآثار القائلة: إن أول الستة يوم الأحد، وهو الذي تدل عليه أسماء الأيام: الأحد- الاثنان- الثلاثاء- الأربعاء- الخميس فلهذا حاولوا إعلاله، فأعله ابن المديني بأن إبراهيم بن أبي يحيى قد رواه عن أيوب، قال ابن المديني: (( وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا عن إبراهيم ابن أبي يحيى )) انظر الأسماء والصفات (ص 276)، يعني إبراهيم مرمى بالكذب فلا يثبت الخبر عن أيوب ولا من قوله وير على هذا أن إسماعيل بن أمية ثقة عندهم غير مدلس، فلهذا والله أعلم لم يرتض البخاري قول شيخ ابن المديني وأعل الخبر بأمر آخر فإنه ذكر طرفه في ترجمة أيوب من التاريخ( 1/ 1/ 413 ) ثم قال (( وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب. وهو أصح )) ومؤدى صنيعه أنه يحدس أن أيوب أخطأ، وهذا الحدس مبنى على ثلاثة أمور:
الأول: استنكار الخبر لما مر.
الثاني: أن أيوب ليس بالقوي وهو مقل لا يخرج مسلم إلا هذا الحديث لما يعلم من الجمع بين رجال الصحيحين، وتكلم فيه الأزدي ولم ينقل توثيقه عن أحد من الأئمة إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته وشرط ابن حبان في التوثيق فيه تسامح معروف.
الثالث: الرواية التي أشار إليها بقوله (( وقال بعضهم )) وليته ذكر سندها ومتنها فقد تكون ضعيفة في نفسها وإنما قويت عنده للأمرين الآخرين. ويدل على ضعفها أن المحفوظ عن كعب وعبد الله بن سلام ووهب بن منبه ومن يأخذ عنهم أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد وهو قول أهل الكتاب المذكور في كتبهم، انظر الأسماء والصفات (ص 272و 275 ) وأوائل تاريخ ابن جريج. وفي الدر المنثور (91:3 )(( أخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: بدأ الله بخلق السموات والأرض يوم الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، وجعل كل يوم ألف سنة )) وأسنده ابن جريج في أوائل التاريخ 22:1-ط. الحسينية )) واقتصر على أوله (( بدأ الله بخلق السموات والأرض يوم الأحد والإثنين )) فهذا يدفع أن يكون ما في الحديث من قول كعب وأيوب لا بأس به وصنيع ابن المديني يدل على قوته عنده.
وقد أخرج له مسلم في صحيحه كما علمت وإن لم يكن حده أن يحتج به في الصحيح )). فمدار الشك في هذا الحديث على الاستنكار، وقد يجاب عنه بما يأتي:
أما الوجه الأول: فيجاب عنه بأن الحديث وإن لم ينص على خلق السماء فقد أشاء بذكره في اليوم الخامس النور وفي السادس الدواب وحياة الدواب محتاجة إلى الحرارة، والنور والحرارة مصدرهما الأجرام السماوية.
ويجاب عن الوجه الثاني: بأنه ليس في هذا الحديث أنه خلق في اليوم السابع غير آدم، وليس في القرآن ما يدل على أن خلق آدم كان في الأيام الستة بل هذا معلوم البطلان.
فتدبر الآيات والحديث على ضوء هذا البيان يتضح لك إن شاء الله أن دعوى مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن قد اندفعت ولله الحمد.
وأما الوجه الثالث: فالآثار القائلة أن ابتداء الحق الخلقي يوم الأحد ما كان منها مرفوعاً فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام وكعب ووهب ومن يأخذ عن الإسرائيليات )).
قَالَ الْإِمَامُ الألباني -رَحِمَهُ اللَّهُ- : بَعْدَ ذِكْرِهِ لصحة الحديث وإطالة النفس فيه والرد على المخالفين: (( وخلاصة ذلك أن الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة في القرآن، وأن الحديث يتحدث عن شيء من التفصيل الذي أجراه الله على الأرض ، فهو يزيد على القرآن ، ولا يخالفه )) انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (4/ 449(، و" مختصر العلو للعلي العظيم " (ص: 112).
وَقَالَ أَيْضًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- :في " التعليق على مشكاة المصابيح " (3/1598(: (( وليس بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه، خلافًا لما توهمه بعضهم، فإن الحديث يفصل كيفية الخلق على الأرض وحدها، وأن ذلك كان في سبعة أيام، ونص القرآن على أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام، والأرض في يومين، لا يعارض ذلك، لاحتمال أن هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث، وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى)) انتهى.

وَقَالَ أَيْضًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- :(( لا بد لي من أن أقدم طريقًا أخرى للحديث هي نص فيما ذهبنا إليه، وهو ما أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (6/427/11392) قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مرفوعًا:« يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَوْمَ السَّابِعِ، وَخَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ... » الحديث، ورجاله ثقات.
فقد جمع هذا النص بين الأيام المذكورة في القرآن، والأيام السبعة المذكورة في الحديث، الذي بين فيه ما جرى على الأرض من تطوير في الخلق، وهو ما كنا حملنا عليه الحديث الصحيح في رد

ما أعلوه به )) انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2/ 726(.
وَقَالَ أَيْضًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الرد على بعض المقلّدة الذين أعلّوا الحديث بالتقليد، لا بالعلة القادحة، المطبوع في آخر المجلد الرابع من ((الصحيحة)) تحت الاستدراك رقم (14) (4/664 ، 664): (( ثم رأيت المدعو عز الدين بليق قد سود عدة صفحات في كتابه الذي سماه "موازين القرآن والسنة للأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة" (!) (ص 71-77) زعم فيها أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم جملة وتفصيلا (!) وتمسك في ذلك بالآيات المصرحة بأن الله خلق السماوات والأرض في ستة آيام، جاهلًا أو متجاهلًا أن الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة المذكورة في الآيات كما كنت شرحت ذلك في التعليق على "المشكاة". ومنشأ جهله أنه فسر (التربة) في الحديث بأنها الأرض. يعني الأرض كلها بما فيها من الجبال والأشجار وغيرها، وهذا باطل لمنافاتِه لسياق الحديث كما لا يخفى على أحد ذي لب، وإنما المراد بـ (التربة) التراب وليس الأرض كلها، ففي "لسان العرب": "وتربة الأرض" ظاهرها. وهذا هو الذي يدل عليه السياق، فإن الأرض بدون التراب لا تصلح للأشجار والدواب التي ذكرت في الحديث، ولا لخلق آدم وذريته التي تناسلت منه بعد.
وبالجملة: فالتفصيل الذي في الحديث هو غير التفصيل الذي في القرآن الكريم، وأيامه غير أيامه، فالواجب في مثل هذا عند أهل العلم أن يضم أحدهما إلى الآخر، وليس ضرب أحدهما بالآخر، كما فعل هذا الرجل المتعالم )).

2- قَالَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ عُثَيْمِيْن -رَحِمَهُ اللَّهُ- في " فتاوى نور على الدرب": (( فإذا أطلق الله تعالى شيئاً في كتابه ولم يكن له معنى شرعي يرجع إليه فإنه يجب أن يحمل على ما تقتضيه اللغة العربية والأيام هنا مطلقة قال في ستة أيام فتحمل هذه الأيام على الأيام المعهودة المعروفة لنا وهي هذه الأيام التي نعدها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة فهذه ستة أيام خلق الله تعالى فيها السماوات والأرض قال الله تعالى مفسراً ذلك في سورة فصلت {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا }[فصلت: 9 - 12]، ففصل الله تعالى هذه الأيام في هذه السورة تفصيلاً بيناً واضحاً فتحمل هذه الأيام على الأيام المعهودة التي يعرفها الناس في هذه الدنيا أما أيام الآخرة فإن الله تعالى قال عن يوم القيامة إن مقداره خمسون ألف سنة )).