بِسْمِ
اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ
المُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أجمَعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
أَوْرَدَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-، فِي التَّارِيْخِ: (( قَالَ الرَّبِيْعُ: إِنَّ الشَّافِعِيَ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ - وَأَنَا مَعَهُ - فَقَالَ لِي: يَا رَبِيْعُ، خُذْ كِتَابِي هَذَا وَامْضِ بِهِ وَسَلِّمْهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَائْتِنِي بِالجَوَابِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَمَعِيَ الكِتَابُ، فَلَقِيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الفَجْرَ. فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنَ المِحْرَابِ سَلَّمْتُ إِلَيْهِ الكِتَابَ؛ وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا كِتَابُ أَخِيْكَ الشَّافِعِيِّ مِنْ مِصْرَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: نَظَرْتَ فِيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، فَكَسَرَ أَبْو عَبْدِ اللهِ الخَتْمَ، وَقَرَأَ الكِتَابَ، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوْعِ، فَقُلْتُ: إيش فِيْهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنَّي السَّلَامَ وَقُلْ: إِنَّكَ سَتُمْتَحَنُ وَتُدْعَى إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ فَلَا تُجِبْهُم؛ فَسَيَرْفَعُ اللهُ لَكَ عَلَمًا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَقُلْتُ: البِشَارَة. فَخَلَعَ أَحَدَ قَمِيْصَيْهِ الَّذِيْ يَلِي جِلْدَهُ وَدَفَعَهُ إليَّ فَأَخَذْتُهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى مِصْرَ، وَأَخَذْتُ جَوَابَ الكِتَابِ، فَسَلَّمْتُهُ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: يَا رَبِيْعُ، إيش الَّذِيْ دَفَعَ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: القَمِيْصَ الَّذِيْ يَلِيْ جِلْدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ نَفْجَعُكَ بِهِ وَلَكِنْ بُلَّهُ وَادْفَعْ إِلَيَّ المَاءَ لِأَتبَرَّكَ بِهِ )) - وَفِي رِوَايَةٍ (( حَتَّى أَشْركَكَ فِيْهِ )) - (1).
وَالجَوَابُ:
(1) أَنَّ القِصَّةَ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ، فَقَدْ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَرْجَمَةِ - الرَّبِيْعِ بْنِ سُلَيْمَانِ المُرَادِيِّ- (2):(( وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ رِحلَةٍ، فَأَمَّا مَا يُرْوَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ بَعَثَهُ إِلَى بَغْدَادَ بِكِتَابِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَغَيْرُ صَحِيْحٍ )) (3).
(2) أَنَّ الشَّافِعِيَّ -رَحِمَهُ اللهُ-، لَقِيَ مَنْ هُوَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللهُ مِثْلَ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِم، وَمَعْ ذَلِكَ لَمْ يُنقَلْ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ.
(3) أَنَّ مَنْ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُ - وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم - لَمْ يَرِدْ عَنْهُم مِثْلَ هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَمِنْ ثُمَّ عُمَرُ وَ .... ، فَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَفَعَلُوْهُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيْمُ }[التَّوْبَة:100]، بَيَانُ الأَمْرِ بِإِتِّبَاعِهِم.
كَتَبَهُ
أَبُو مَرْيَمَ أَيْمَنُ بْنُ دِيَابٍ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْعَابِدِينِي
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ
أَمَّا بَعْدُ:
أَوْرَدَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-، فِي التَّارِيْخِ: (( قَالَ الرَّبِيْعُ: إِنَّ الشَّافِعِيَ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ - وَأَنَا مَعَهُ - فَقَالَ لِي: يَا رَبِيْعُ، خُذْ كِتَابِي هَذَا وَامْضِ بِهِ وَسَلِّمْهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَائْتِنِي بِالجَوَابِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَمَعِيَ الكِتَابُ، فَلَقِيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الفَجْرَ. فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنَ المِحْرَابِ سَلَّمْتُ إِلَيْهِ الكِتَابَ؛ وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا كِتَابُ أَخِيْكَ الشَّافِعِيِّ مِنْ مِصْرَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: نَظَرْتَ فِيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، فَكَسَرَ أَبْو عَبْدِ اللهِ الخَتْمَ، وَقَرَأَ الكِتَابَ، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوْعِ، فَقُلْتُ: إيش فِيْهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنَّي السَّلَامَ وَقُلْ: إِنَّكَ سَتُمْتَحَنُ وَتُدْعَى إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ فَلَا تُجِبْهُم؛ فَسَيَرْفَعُ اللهُ لَكَ عَلَمًا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَقُلْتُ: البِشَارَة. فَخَلَعَ أَحَدَ قَمِيْصَيْهِ الَّذِيْ يَلِي جِلْدَهُ وَدَفَعَهُ إليَّ فَأَخَذْتُهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى مِصْرَ، وَأَخَذْتُ جَوَابَ الكِتَابِ، فَسَلَّمْتُهُ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: يَا رَبِيْعُ، إيش الَّذِيْ دَفَعَ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: القَمِيْصَ الَّذِيْ يَلِيْ جِلْدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ نَفْجَعُكَ بِهِ وَلَكِنْ بُلَّهُ وَادْفَعْ إِلَيَّ المَاءَ لِأَتبَرَّكَ بِهِ )) - وَفِي رِوَايَةٍ (( حَتَّى أَشْركَكَ فِيْهِ )) - (1).
وَالجَوَابُ:
(1) أَنَّ القِصَّةَ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ، فَقَدْ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَرْجَمَةِ - الرَّبِيْعِ بْنِ سُلَيْمَانِ المُرَادِيِّ- (2):(( وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ رِحلَةٍ، فَأَمَّا مَا يُرْوَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ بَعَثَهُ إِلَى بَغْدَادَ بِكِتَابِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَغَيْرُ صَحِيْحٍ )) (3).
(2) أَنَّ الشَّافِعِيَّ -رَحِمَهُ اللهُ-، لَقِيَ مَنْ هُوَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللهُ مِثْلَ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِم، وَمَعْ ذَلِكَ لَمْ يُنقَلْ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ.
(3) أَنَّ مَنْ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُ - وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم - لَمْ يَرِدْ عَنْهُم مِثْلَ هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَمِنْ ثُمَّ عُمَرُ وَ .... ، فَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَفَعَلُوْهُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيْمُ }[التَّوْبَة:100]، بَيَانُ الأَمْرِ بِإِتِّبَاعِهِم.
كَتَبَهُ
أَبُو مَرْيَمَ أَيْمَنُ بْنُ دِيَابٍ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْعَابِدِينِي
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ
__________
(1) فِي كِتَابِهِ (( تَارِيْخُ دِمْشَقَ ))((5/311)).ط. دَارُ الفِكْرِ لِلطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ وَالتَّوْزِيْعِ، بَيْرُوْت، بِتَحْقِيْقِ علي شيري.
(2) سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (12/ 587).ط. مُؤَسَّسَةُ الرِّسَالَةِ – بَيْرُوْت.
(3) وَأَيْضًا فِي أَحَدِ أَسَانِيْدِهَا مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ. قَالَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ: ((وَكَانَ يَضَعُ لِلصُّوْفِيَّةِ الأَحَادِيْثَ)). انْظُرْ كِتَابَ ((طَبَقَاتُ الحُفَّاظِ)) ((ص412)) لِلسُّيُوْطِيِّ. وَأَمَّا الأَسَانِيْدُ الأُخْرَى فَفِيْهَا انْقِطَاعٌ، وَبَعْضُ رُوَاتِهَا لَا يُعْرَفُ.
(1) فِي كِتَابِهِ (( تَارِيْخُ دِمْشَقَ ))((5/311)).ط. دَارُ الفِكْرِ لِلطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ وَالتَّوْزِيْعِ، بَيْرُوْت، بِتَحْقِيْقِ علي شيري.
(2) سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (12/ 587).ط. مُؤَسَّسَةُ الرِّسَالَةِ – بَيْرُوْت.
(3) وَأَيْضًا فِي أَحَدِ أَسَانِيْدِهَا مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ. قَالَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ: ((وَكَانَ يَضَعُ لِلصُّوْفِيَّةِ الأَحَادِيْثَ)). انْظُرْ كِتَابَ ((طَبَقَاتُ الحُفَّاظِ)) ((ص412)) لِلسُّيُوْطِيِّ. وَأَمَّا الأَسَانِيْدُ الأُخْرَى فَفِيْهَا انْقِطَاعٌ، وَبَعْضُ رُوَاتِهَا لَا يُعْرَفُ.