جديدالموقع

حكم من نسي السجود

الســـــــــــــــؤال
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
بارك الله فيك شيخنا
ســـــائــــــل يقــــول: من لديه سجود قبلي ونسي وسلم ماذا عليه ومن عنده سجود بعدي ونسي أن يسجد له ولم يتذكر إلا بعد ساعة؟.
وجزاك الله خيراً
الجَوَابُ:
 بِسْمِ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أجمَعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأَقُوْلُ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قَالَ المُوَفَّقُ ابْنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- (ت 620هـ) فِي كِتَابِهِ فِي كِتَابِهِ (المُغْنِي) (2/ 722).ط. دَارُ الفِكْرِ – بَيْرُوْت: مَسْأَلَةٌ :( إِنْ نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوٍ وَسَلَّمَ ، كَبَّرَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ، وَسَلَّمَ ، مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ تَكَلَّمَ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ ) .
الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إذَا نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ، ثُمَّ ذَكَرَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، سَوَاءٌ تَكَلَّمَ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ { أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ }رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَكَلَّمَ ، وَتَكَلَّمَ الْمَأْمُومُونَ ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ وَهَذَا حُجَّةٌ، لِقَوْلِهِ فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ .
وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ إتْمَامُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْكَلَامِ وَالِانْصِرَافِ ، كَمَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ ، فَالسُّجُودُ أَوْلَى.
الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْجُدُ فِيهَا، فَفِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، يَسْجُدُ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْجُدْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ .
وَقَالَ الْقَاضِي: يُرْجَعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعَادَةِ ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَالسُّجُودُ أَوْلَى، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ خَرَجَ وَتَبَاعَدَ وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ جُبْرَانٌ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ كَجُبْرَانِ الْحَجِّ.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إنْ كَانَ لِزِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ لِنَقْصٍ أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ .
وَلَنَا ، أَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ ، فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ ، كَرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا ، وَكَمَا لَوْ كَانَ مِنْ نَقْصٍ وَإِنَّمَا ضَبَطْنَاهُ بِالْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُهَا ، فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُدَّةُ ، كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ مَتَى سَجَدَ لِلسَّهْوِ ، فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ .
قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ عُثَيْمِيْن -رَحِمَهُ اللهُ- فِي كِتَابِهِ (الشَّرْحُ المُمْتِعُ عَلَى زَادِ المُسْتَقْنِع) (3/ 397-398).ط. دَارُ ابْنِ الجُوْزِيِّ لِلنَّشْرِ وَالتَّوْزِيْعِ، المَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السُّعُوْدِيَّةُ: قَوْلُهُ: « وَإِنْ نَسِيَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ » أي: السُّجود الذي قبل السَّلام، وسَلَّم سَجَد إن قَرُبَ زمنُه، فإنْ بَعُدَ زمنُه سقط، وصلاته صحيحة.
مثاله: رَجُلٌ نسيَ التشهُّد الأول؛ فيجب عليه سجود السَّهو، ومحلُّه قبل السَّلام، لكن نسيَ وسَلَّمَ، فإن ذَكَرَ في زمن قريب سَجَدَ، وإنْ طال الفصلُ سَقَطَ. مثل: لو لم يتذكَّر إلا بعد مدَّة طويلة؛ ولهذا قال: «سَجَدَ إن قَرُب زمنُه» فإن خرج من المسجد فإنه لا يرجع إلى المسجد فيسقط عنه، بخلاف ما إذا سَلَّمَ قبل إتمام الصَّلاة؛ فإنه يرجع ويكمل، وذلك لأنه في المسألة الثانية تَرَكَ رُكناً فلا بُدَّ أن يأتيَ به، وهذا تَرَكَ واجباً يسقط بالسَّهو.
وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: بل يسجدُ، ولو طال الزَّمن؛ لأن هذا جابر للنقص الذي حصل، فمتى ذَكَرَه جَبَرَه.
ولكن الأقرب: ما قاله المؤلِّف-رَحِمَهُ اللهُ- وهو المذهب: أنه إذا طال الفصل فإنه يسقط، وذلك لأنه إما واجب للصَّلاة، وإما واجب فيها، فهو ملتصق بها، وليس صلاة مستقلَّة حتى نقول إن النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «مَنْ نَام عن صلاة أو نسيها فَلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها»، بل تابع لغيره فإن ذَكَرَهُ في وقت قريب سَجَدَ وإلا سقط.
هذا والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل