جديدالموقع

هل الرقية الشرعية تقرأ جهراً أم سرا

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
بارك الله فيك شيخنا
الســــــــــــــــــــؤال
🖋رشيد من المغرب يقول
✍🏻هل الرقية الشرعية تقرأ جهراً أم سرا.
وجزاك الله خيراً
الجَوَابُ:
 بِسْمِ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ أجمَعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأَقُوْلُ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
الرُّقيَةُ أَنْوَاعٌ - كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَهِيَ:
(1) الرُّقيَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالقُرْآنِ: بِأَنْ يُقْرَأَ عَلَى المَسْحُوْرِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَالفَاتِحَةِ وَآيَةِ الكُرْسِيِّ وَسُوْرَةِ البَقَرَةِ وَالقَوَاقِلِ.
(2) الرُّقيَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالتَّعَوًّذَاتِ: وَهِيَ الأَدْعِيَةُ، وَخَاصَّةً الَّتِيْ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قُلْتُ: وَمِنْهَا: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا؛ ثُمَّ قَالَ: أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2708) عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيْمٍ مَرْفُوْعًا.
وَمِنْهَا: (أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3371) عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ مَرْفُوْعًا.
وَمِنْهَا: (أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ - الَّتِيْ لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيْهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأ فِي الأَرْضِ وَبَرَأ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ يَطْرُقُ - إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ - يَا رَحْمَنُ) صَحِيْحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الَأوْسَطِ (43) عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خُنْبُشٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (840).
وَمِنْهَا: (بِسْمِ اللهِ أَرْقيْكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤذِيْكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ وَعَيْنِ حَاسِدٍ، بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ؛ وَاللهُ يَشْفِيْكَ). مُسْلِمٌ (2186) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعًا.
وَمِنْهَا: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبْ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ؛ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (5743)، وَمُسْلِمٌ (2191).
وَقَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: (وَبَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- سُحِرَتْ، فَقِيْلَ لَهَا فِي مَنَامِهَا: خُذِي مَاءً مِنْ ثَلَاثَةِ آبَارٍ تَجْرِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَاغْتَسِلِي بِهِ، فَفَعَلَتْ فَذَهَبَ عَنْهَا). المَنْتَقَى شَرْحُ المُوَطَّأِ (7/ 255) لِلبَاجِي.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَفْسِيْرِهِ (1/ 372): (وَحَكَى القُرْطُبِيُّ عَنْ وَهْبٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: يُؤْخَذُ سَبْعُ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ؛ فَتُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ تُضْرَبُ بِالمَاءِ، وَيُقْرَأُ عَلَيْهَا آيَةُ الكُرْسِيِّ، وَيَشْرَبُ مِنْهَا المَسْحُوْرُ ثَلَاثَ حَسَوَاتٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِبَاقِيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ مَا بِهِ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ الَّذِيْ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ).
ثُمَّ قَالَ- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمُوْرُ المُبَاحَةُ نَفَعَ اللهُ بِهَا؛ لَا سِيَّمَا مَعَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَاعْتِقَادِ أَنَّ الشِّفَاءَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَلَا يَزِيْدُ الظَّالِمِيْنَ إِلَّا خَسَارًا} (الإِسْرَاء:82).
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَوَلَّاهَا مَنْ يُوْثَقُ بِعِلْمِهِ وَدِيْنِهِ - دُوْنَ أَصْحَابِ المَطَامِعِ الدُّنيَويَّةِ وَالمُشَعْوِذِيْنَ - الَّذِيْنَ يُفْسِدُوْنَ عَقَائِدَ النَّاسِ، وَيُرَهِبُوْنَهُم بِالكَذِبِ وَالتَّدْجِيْلِ.
قُلْتُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إِفَادَةِ الرُّقيَةِ -وَلِكَنَّهُ أَكْمَلُ - أَنْ يَكُوْنَ المَرْقِيُّ مُؤْمِنًا أَوْ صَالِحًا، فَفِي البُخَارِيِّ (5736) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوْهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُوْنَا، وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيْعًا مِنَ الشَّاءِ. فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ؛ فَبَرَأَ. فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ-مَ، فَسَأَلُوْهُ فَضَحِكَ، وَقَالَ: (وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوْهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ). وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ (2201) - بَابُ جَوَازِ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى الرُّقيَةِ بِالقُرْآنِ وَالأَذْكَارِ -.
وَ (القِرَى): مَا يُعدُّ لِلضَّيْفِ النَّازِلِ مِنَ النُّزْلِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ القُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي كِتَابِهِ (المُفْهِمُ شَرْحُ مُسْلِمٍ) (5/589) - بَابُ الرُّقيَةِ بِأَسْمَاءِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ -:قَوْلُهُ: (ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِيْ تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ - ثَلَاثًا -، وَقُلْ - سَبْعَ مَرَّاتٍ -:أَعُوْذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ): هَذَا الأَمْرُ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيْمِ وَالإرْشَادِ إِلَى مَا يَنْفَعُ مِنْ وَضْعِ يَدِ الرَّاقي عَلَى المَرِيْضِ وَمَسْحِهِ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَخْصُوْصًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كُلُّ رَاقٍ .... ، وَمِمَّا يَنْبَغِي لِلرَّاقِي أَنْ يَفْعَلَهُ النَّفْثُ وَالتَّفْلُ، وَقَدْ قُلنَا أَنَّهُمَا نَفْخٌ مَعَ رِيْقٍ).
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (2192) - بَابُ رُقيَةِ المَرِيْضِ بِالمُعَوِّذَاتِ وَالنَّفْثِ -: عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا-؛ قَالَتْ: (كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالمُعوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَه الَّذِيْ مَاتَ فِيْهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أعَظْمَ بَرَكةً مِنْ يَدِي).
وهذا واضح في أن الجهر أولى وهو صريح السنة، ولا مانع من الإسرار.
هذا والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل